تشهد السوق المصري حاليًا تدفقًا متزايدًا من رؤوس الأموال الصينية، حيث يسعى المستثمرون للاستفادة من المزايا العديدة التي تقدمها مصر، مثل موقعها الجغرافي المتميز واتفاقيات التجارة الحرة مع تكتلات دولية متعددة.

من نفس التصنيف: 27 ألف طالب وطالبة يستعدون لامتحانات الشهادة الإعدادية غدًا في أسوان
وقعت هيئة الاستثمار والبترول والبنك المركزي اتفاقيات مع الشركات والبنوك الصينية لتعزيز الاستثمارات في مجالات متنوعة تشمل صناعة النسيج والبتروكيماويات واللوجيستيات والبنوك وغيرها من القطاعات.
استثمارات صينية وتركية تطرق أبواب السوق المصري
أوضح محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات المصرية، أن هناك حركة ملحوظة من مستثمرين صينيين وأتراك يسعون لنقل جزء من استثماراتهم إلى مصر.
وأشار المرشدي إلى أن العديد من هؤلاء المستثمرين يعتزمون إقامة مصانع في مصر للحصول على شهادة منشأ مصرية، مما يتيح لهم تصدير منتجاتهم إلى الأسواق الدولية بدون جمارك، وهو ما يمثل حافزًا قويًا لنقل خطوط الإنتاج.
وأضاف أن هناك توسعًا ملحوظًا في الاستثمارات الصينية بقطاع الملابس الجاهزة والصناعات المرتبطة بها مثل الأقمشة والصناعات المغذية.
وفيما يتعلق بالتحديات المحتملة، أكد المرشدي أن الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتسهيل الإجراءات وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، موضحًا أن المستثمرين لا يواجهون صعوبات تذكر في دخول السوق المحلي حاليًا.
اهتمام صيني بقطاع الزجاج والرخام والجرانيت
وفي مجال مواد البناء، أشار أحمد عبد الحميد، رئيس غرفة صناعات مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، إلى وجود اهتمام صيني ببعض المجالات مثل الزجاج والرخام والجرانيت، حيث تسعى شركة صينية كبيرة حاليًا للاستثمار في قطاع الزجاج.
أما عن قطاع المحاجر، فقد أوضح أن الحديث عن توسع صيني كبير ليس دقيقًا في الوقت الحالي، إذ لا توجد شركات صينية كبرى تعمل بشكل واضح في هذا المجال، لكن هناك بعض الأفراد يعملون بطرق مختلفة.
وأكد عبد الحميد أن الغرفة لم تتلقَ تواصلًا مباشرًا من مستثمرين صينيين مؤخرًا، لكن هناك مؤشرات على نشاط في بعض القطاعات.
هل يمكن أن يساعد توسع رؤوس الأموال الصينية في السوق المحلي في خروج مصر من الأزمة؟
من جهة أخرى، يرى وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن التوسع في الاستثمارات الصينية يجب أن يقابل بحذر شديد، معتبرًا أن بعض هذه الاستثمارات قد لا تحقق فائدة حقيقية للاقتصاد المصري، بل قد تؤدي إلى إقصاء المنافسة المحلية.
وأشار النحاس إلى أن المشكلة تكمن في غياب الشفافية حول رأس المال المستثمر وخطط التشغيل والعائد المتوقع من هذه الاستثمارات.
وتابع: “لا أحد يربح عند الدخول في شراكة صناعية مع الصين، حيث يتم الاستحواذ على الموارد بأسعار منخفضة جدًا، ويفرض على العمالة المصرية شروط مجحفة”
واعتبر أن هناك ما يعرف بـ”الاستثمار السلبي”، حيث تستهدف بعض الاستثمارات الأجنبية القضاء على المنافسة المحلية بدلاً من تنميتها.
واستشهد بحالات سابقة، مثل شركة “إيديال” التي كانت رائدة في تصنيع الأجهزة المنزلية، والتي استحوذت عليها شركة إيطالية، مما أدى إلى تراجعها وخروجها من المنافسة في السوقين المحلي والإفريقي.
كما أشار إلى شركة “الأهرام للمشروبات”، التي كانت تنتج مشروب “فيروز” الذي حقق نجاحًا كبيرًا، وتم الاستحواذ عليها من قبل مستثمر أجنبي، مما أدى إلى اختفاء اسم “فيروز” من الأسواق.
وفسر كلامه قائلاً: “يجب التفرقة بين استثمار إيجابي يضيف قيمة للاقتصاد المصري واستثمار سلبي يسعى فقط لإقصاء المنافسين والسيطرة على السوق، وعلينا كدولة أن نتوخى الحذر فيمن نسمح له بالدخول إلى قطاعاتنا الحيوية”
الصين تبحث عن أسواق بديلة.. ومصر واحدة منها
ترى يُمن الحماقي، الخبيرة الاقتصادية، أن الصين تمتلك أكبر فائض تجاري مع الولايات المتحدة، مما يدفعها للبحث عن أسواق بديلة لتقليل الخسائر المحتملة وزيادة قدرتها التنافسية.
وأضافت أن الصين تسعى حاليًا للتوسع في الاستثمار داخل الأسواق ذات التعريفات الجمركية المنخفضة، في إطار محاولاتها للالتفاف على تداعيات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وأوضحت الحماقي أن مصر أصبحت سوقًا مستهدفًا من جانب الصين، خصوصًا بعد فرض الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية أقل نسبيًا على المنتجات المصرية مقارنة بدول شرق آسيا، بنسبة تصل إلى 10%، مما يمثل ميزة نسبية للشركات الصينية.
وأضافت: “يمكن للصين تصنيع منتجاتها داخل مصر ثم تصديرها إلى الولايات المتحدة، مستفيدة من فارق 20% في الرسوم الجمركية، فضلًا عن توفير تكاليف النقل والشحن بسبب قرب المسافة بين مصر والولايات المتحدة مقارنة بالصين، مما يعزز فرصها في تحقيق مكاسب مضمونة”
مقال مقترح: خطيب ينتقم من فتاة بعد رفضها العودة إليه بنشر صورها والداخلية تتدخل لإنقاذها
ولكنها شددت على أن تحقيق مصر لأي مكاسب من هذه الاستثمارات يعتمد على عدة عوامل، أبرزها وجود إدارة محترفة للاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ملف يقع حاليًا تحت مسؤولية وزير الاستثمار.
وطالبت الحماقي بضرورة وجود جهاز متخصص يتولى تقييم الاستثمارات الأجنبية ووضع رؤى واضحة لمتابعتها وتقويم أدائها، بما يضمن أن تكون هذه الاستثمارات في مصلحة الاقتصاد المصري، وليس فقط لخدمة مصالح المستثمرين الأجانب.
وقالت: “نرحب بأي استثمارات أجنبية، بما في ذلك الصينية، بشرط أن تخضع للمتابعة والتقييم، وتتماشى مع الأهداف الاقتصادية للدولة، فالأولوية يجب أن تكون لتوسيع قاعدة التصدير وتعميق التصنيع المحلي ونقل التكنولوجيا، وهذه مكاسب ممكنة، لكننا نعلم جيدًا أن الاستثمارات الصينية تسعى دائمًا لتعظيم مكاسبها حتى ولو على حساب الدولة المضيفة، لذلك يجب أن يكون هناك توازن واضح في المصالح”