حملة سقوط “التيك توكرز” تدفع لمراجعة قانون مكافحة جرائم الإنترنت.. آراء قانونية حول الحاجة للتعديل
شهدت الساحة المصرية في الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في حملة القبض على عدد من صانعي المحتوى عبر تطبيق “تيك توك”، حيث استهدفت الحملة بشكل خاص أولئك الذين يتعارض محتواهم مع قيم وأخلاقيات المجتمع، مما يثير تساؤلات حول تداعيات هذه الحملة ومدى الحاجة إلى وضع ضوابط قانونية واضحة لتنظيم استخدام منصات التواصل الاجتماعي.

مقال له علاقة: ضبط 1200 مخالفة مرورية و16 سائقًا تحت تأثير المخدرات في الإقليم
تتزامن هذه الحملات مع مخاوف متزايدة من تحول “تيك توك” إلى منصة لنشر محتوى يتعارض مع القيم الأخلاقية والمجتمعية، مما يزيد من القلق بشأن تأثيره على المجتمع.
في خطوة أمنية لافتة، ألقت وزارة الداخلية القبض على أكثر من 11 من مشاهير “تيك توك” خلال أسبوع واحد، بعد توجيه اتهامات لهم بنشر مقاطع خادشة والتحريض على سلوكيات غير أخلاقية، فضلًا عن التربح غير المشروع من المحتوى.
ومن بين الأسماء البارزة التي تم القبض عليها “شاكر محظور دلوقتي، سوزي الأردنية، مداهم، أم سجدة، وليلى الشبح”.
أسباب وتداعيات الحملة
يقول المحامي محمد حامد سالم، لـ “نبأ العرب”، إن الجهات الأمنية تعتمد بشكل كبير على مواد قانونية متعلقة بـ”مكافحة جرائم الإنترنت” و”مخالفة قيم الأسرة والمجتمع” في القبض على رواد “تيك توك” الذين يبثون محتوى غير أخلاقي، مؤكدًا أنه حان الوقت لاتخاذ إجراءات صارمة بحق صانعي المحتوى الذين قد لا يكون لهم علاقة بمحتوى هادف.
أضاف سالم أن هذه الحملة تأتي ضمن جهود “تطهير المجتمع”، موضحًا أنها تستهدف السلوكيات التي تهدد الوعي العام، وتستغل الشهرة لتحقيق مكاسب غير مشروعة، داعيًا الدولة إلى مواصلة التصدي لهذه الظواهر بحزم.
أشار إلى أن العديد من الدول بدأت في اتخاذ إجراءات مشابهة، مثل أستراليا التي صنفت التطبيق كـ”مهدد للأمن القومي” بسبب جمع بيانات المستخدمين بشكل غير قانوني.
لفت إلى أن ما وصل إليه رواد السوشيال ميديا من صناعة فيديوهات غير أخلاقية بات يهدد استقرار المجتمع، ويؤثر بشكل مباشر على الأجيال القادمة، حيث يمكن استغلالهم بسهولة في ارتكاب مخالفات يُعاقب عليها القانون، مما يهدد تربية وسلوكيات الأطفال والشباب في مراحلهم العمرية المبكرة.
وأكد المحامي محمد فايز، لـ “نبأ العرب”، الحاجة الملحة إلى تنظيم قانوني شامل للتعامل مع المحتوى الرقمي، حيث أصبح التواصل عبر الإنترنت من أبرز وسائل التعبير والتفاعل الاجتماعي، لذا يجب إيجاد توازن بين احترام قيم المجتمع وحماية حرية التعبير، مما يتطلب إعداد تعديلات قانونية تحدد بوضوح الضوابط التي يجب أن تلتزم بها منصات التواصل ومستخدميها مع ضمان حقوق الأفراد.
شدد على أهمية ألا تتحول الحملة على “تيك توك” إلى وسيلة لإبعاد من يقدمون محتوى تعليمي هادف، مشيرًا إلى ضرورة وجود ضوابط تحمي المجتمع من المحتوى الضار، مع توفير الشفافية التي تسمح لمن يروجون للدولة عبر المحتوى السياحي والتاريخي بتقديم محتواهم بسلاسة.
ضوابط قانونية لصناع المحتوى
يشير شحاته محمد شحاته، مدير المركز العربي للنزاهة والشفافية، لـ “نبأ العرب”، إلى أن الحملة الحالية أدت إلى تراجع إنتاج المحتوى غير الأخلاقي والمخالف لتقاليد المجتمع على المنصات الرقمية.
وحول طبيعة العقوبات، أكد شحاته أن قانون تقنية المعلومات يتضمن عقوبات رادعة قد تصل إلى السجن المؤبد في بعض الحالات، مطالبًا الجهات المعنية بإشراك المجتمع المدني والمنصات الرقمية في صياغة إطار قانوني متوازن يراعي جميع الأطراف، بما في ذلك الدولة والأجهزة الرقابية وصناع المحتوى الهادف، مع تغليظ العقوبات على مخالفي آليات البث واحترام قيم المجتمع.
شدد على ضرورة تطبيق القانون بحزم على كل من ينتهك الضوابط الأخلاقية عبر المنصات الرقمية، مع التأكيد على دور المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في متابعة قضية “تيك توك”.
طالب شحاته المنصات العالمية بتعيين ممثلين قانونيين في مصر لضمان سرعة التعامل مع أي مخالفات في محتوى نشر الفيديوهات، مشيرًا إلى أن حملة القبض على “تيك توك” تعكس تحديات حقيقية تواجه الدولة في التعامل مع مخالفات قواعد النشر، في الوقت الذي تسعى فيه للحفاظ على قيم المجتمع وأمنه، مؤكدًا ضرورة وضع تشريعات حديثة تراعي حقوق المستخدمين وحرياتهم مع الحفاظ على النظام العام.
تحرك برلماني لحظر “تيك توك”
في سياق متصل، تقدمت النائبة مي غيث بطلب رسمي إلى مجلس النواب لحظر تطبيق “تيك توك” في مصر، محذرة من تأثيره الخطير على القيم المجتمعية، وواصفة إياه بأنه “أخطر من المخدرات” بسبب ما يروّج له من انحلال وانفلات أخلاقي.
أكدت النائبة أن التطبيق أصبح يُمجد الجهل والانحراف، ويشوّه القدوات الحقيقية في المجتمع، مطالبةً بتدخل عاجل لوقف ما وصفته بـ”النزيف القيمي”.
من جانبه، قال النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن منصة “تيك توك” أمام مهلة نهائية مدتها 65 يومًا لتحسين محتواها وفقًا للضوابط القانونية والقيم المجتمعية في مصر، مشيرًا إلى أن عدم الالتزام سيؤدي إلى تطبيق إجراءات صارمة وفق قانون تقنية المعلومات.
شوف كمان: توقعات حالة الطقس ودرجات الحرارة ليوم الأحد 1 يونيو 2005
أضاف “بدوي”، لـ “نبأ العرب”، أن اللجنة عقدت اجتماعات متتالية مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والمدير الإقليمي لـ “تيك توك” لمناقشة هذه التجاوزات، وأن الاجتماع الأخير شهد مطالبات واضحة بضرورة حجب المحتوى المخالف للقيم المصرية، مثل الفيديوهات المنافية للآداب، مؤكدًا أن المنصة لم تتخذ إجراءات فورية لحماية المستخدمين من هذا المحتوى.
تابع رئيس لجنة الاتصالات بالنواب، أن الدولة المصرية تدعم الاستثمارات التكنولوجية، لكنها لن تتهاون مع أي محتوى يضر بالمجتمع، مشددًا على أن 75% من صناع المحتوى المخالفين على “تيك توك” اختفوا من المنصة بعد تحركات الجهات الأمنية.