خلال الأسبوع الماضي، شهدت سوريا حالتين مؤلمتين استهدفتا فنانين سوريين في دمشق وريف حلب، حيث قُتلت الفنانة ديالا صلحي الوادي داخل منزلها في حي المالكي بدمشق، بينما تعرض المطرب الشعبي عمر خيري للاعتداء أثناء مشاركته في حفل زفاف بمدينة الباب شمال البلاد.

ممكن يعجبك: الخارجية الأمريكية تبلغ الكونجرس بخطتها لإعادة هيكلة الوزارة لتحسين الأداء والفعالية
أثارت هذه الحوادث ردود فعل واسعة، مع اختلاف الأسباب المعلنة وراء كل حالة، فبينما تم الإبلاغ عن أن سبب مقتل ديالا هو السرقة، أُشير إلى أن الاعتداء على عمر خيري كان نتيجة اضطهاد وتعنيف.
اقرأ كمان: نقل الكهرباء توقع عقدًا مع PowerChina لإنشاء خط جديد بجهد 500 ك.ف
مقتل ديالا الوادي في دمشق
تصدر خبر مقتل ديالا الوادي، ابنة الموسيقار صلحي الوادي، عناوين الأخبار بعد تعرضها لعملية سرقة مميتة داخل منزلها بالعاصمة دمشق، حيث تم اقتحام منزلها في حي المالكي وقتلها.
ولم تكن هذه الحادثة الأولى، حيث تعرض عدد من الفنانين السوريين للاعتداءات في الفترة الأخيرة، كما حدث مع عمر خيري وتوفيق شيا في أحداث السويداء، وفقًا لما تم إعلانه، فقد تعرضت ديالا لسطو مسلح في منزلها.
وفق المعلومات الأولية، طارد الجاني الضحية حتى مدخل منزلها ثم اقتحم المكان، واستولى على مبالغ مالية ومصوغات ذهبية قبل أن يهرب إلى جهة غير معلومة.
ديالا الوادي تحمل الجنسيتين البريطانية والعراقية، وهي ابنة المايسترو الراحل صلحي الوادي، مؤسس المعهد العالي للموسيقى في دمشق، ووالدتها سينثيا كانت من أبرز المدرسات في المعهد.
نعت نقابة الفنانين السوريين – فرع دمشق، الفنانة الراحلة في بيان مقتضب جاء فيه: “تعازينا القلبية بوفاة الفنانة ديالا صلحي الوادي إثر سطو مسلح في منزلها. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
أما فرع المباحث الجنائية التابع لوزارة الداخلية السورية، فقد بدأ التحقيقات في الحادثة، ولم تُصدر حتى الآن أي بيانات رسمية تكشف تفاصيل إضافية عن الجناة أو الدوافع.
تعليق المرصد السوري
صرح المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن مقتل الفنانة ديالا الوادي يعكس تفاقم معدلات الجريمة في العاصمة السورية، بما في ذلك المناطق التي يُفترض أنها خاضعة لتشديد أمني، حيث وثق المرصد مقتل 254 شخصًا في 228 جريمة منذ بداية العام، منها 20 جريمة في العاصمة دمشق فقط، مطالبًا الجهات الرسمية بالإفصاح عن نتائج التحقيق وضمان العدالة للضحية.
وبحسب إحصاءات المرصد حول الجرائم المرتكبة خلال العام الجاري، توزعت الحصيلة على النحو التالي:
دمشق: سجلت 20 جريمة، راح ضحيتها 22 شخصًا، بينهم 13 رجلًا و6 نساء و3 أطفال، ريف دمشق: شهد 18 جريمة أودت بحياة 19 شخصًا بينهم 17 رجلًا وسيدة واحدة وطفل، حلب: تم توثيق 16 جريمة خلفت 18 قتيلًا بينهم 15 رجلًا وسيدة وطفلين، حمص: بلغ عدد الجرائم فيها 11، سقط فيها 11 قتيلًا بينهم 8 رجال وسيدتان وطفل، حماة: تصدّرت المشهد بـ25 جريمة راح ضحيتها 28 شخصًا، معظمهم من الرجال، اللاذقية: شهدت 16 جريمة أسفرت عن مقتل 17 شخصًا بينهم 15 رجلًا وسيدة وطفل، دير الزور: سجلت 26 جريمة خلفت 27 قتيلًا بينهم 3 أطفال و4 نساء، إدلب: بلغ عدد الجرائم فيها 23 شخصًا، أسفرت عن سقوط 25 ضحية بينهم 6 سيدات، درعا: كانت الأعلى من حيث عدد الضحايا بـ44 جريمة قتل أودت بحياة 52 شخصًا بينهم 3 أطفال و6 سيدات، طرطوس: شهدت 6 جرائم راح ضحيتها 9 أشخاص بينهم 3 نساء، السويداء: سُجل فيها 20 جريمة قتل أسفرت عن 23 قتيلًا بينهم 4 نساء، القنيطرة: سجلت جريمة واحدة راحت ضحيتها سيدة، الرقة: شهدت جريمتين قتل سقط فيهما رجلان.
المطرب عمر خيري
في حادثة منفصلة، وقبل يومين، تعرض المطرب الشعبي عمر خيري للاعتداء أثناء مشاركته في حفل زفاف بمدينة الباب في ريف حلب، حيث انتشرت قضيته بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
تضاربت الروايات حول خلفية الاعتداء، حيث أشار بعض النشطاء إلى أن السبب يعود إلى مواقف سابقة للمطرب تُعتبر مؤيدة للنظام السوري، بينما ربط آخرون الحادثة بمواقف دينية أو أيديولوجية للمجموعة المعتدية تجاه الغناء.
رد وزارة الداخلية السورية
من جانبها، نفت وزارة الداخلية السورية على لسان المتحدث باسمها نور الدين البابا، أي علاقة لعناصر الأمن العام بالحادثة، حيث قال في تصريح صحفي: “ننفي بشكل قاطع ما يُتداول على مواقع التواصل حول تعرض مطرب شعبي للاعتداء من قِبل عناصر الأمن العام في مدينة الباب بريف حلب، لا علاقة لأي جهة أمنية بالحادثة المذكورة”.
وأضاف نور البابا، أن الوزارة تواجه ما وصفها بـ”حملات تضليل تهدف إلى تشويه صورة الأمن العام”.
ماذا قال المرصد السوري؟
أما المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد علق على الحادثة، معتبرًا أن الاعتداء يمثل مؤشرًا خطيرًا على غياب الحماية القانونية للمواطنين، بمن فيهم العاملون في المجال الفني، وانتقد المرصد طريقة تعامل السلطات الأمنية السورية مع الحادثة، مشيرًا إلى أن التحقيقات والتحركات الرسمية لا تبدأ إلا بعد تداول القضية بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مما يعكس أزمة ثقة بين المواطنين والجهات المسؤولة.
توفيق شيا
وخلال الأحداث والاشتباكات المسلحة الأخيرة في مدينة السويداء جنوبي سوريا، قُتل المصمم الفني السوري توفيق شيا البالغ من العمر 64 عامًا، ويُعد شيا من أبرز الوجوه الإبداعية في مجال التصميم الفني، حيث عُرف بشغفه بالطائرات الورقية التي حوّلها إلى منصات طائرة للتعبير عن رسائل ثقافية، فكانت طائراته تحمل صورًا للفنانة اللبنانية فيروز خلال حفلتها في دمشق عام 2008، بالإضافة إلى جداريات محمود درويش ورسوم الفنان الفلسطيني ناجي العلي.
ولم تكن أعماله المذكورة سوى جزء من مسيرته، التي بدأت منذ تخرجه من كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 1961، حيث قدم نماذج فنية غير تقليدية، من أبرزها تصميم لمنجنيق من وحي شخصية صلاح الدين الأيوبي، ونرجيلة صنعت من بقايا قنبلة وشاشة تلفاز مهشمة، عُرضت لاحقًا في أحد المتاحف الفرنسية، ولا تزال تفاصيل مقتله غير واضحة في ظل تصاعد التوترات الأمنية في السويداء، حيث تشهد المدينة أعمال عنف متفرقة تسببت بمقتل مدنيين ونزوح عدد كبير من العائلات، كما نعت الكاتبة السورية نهى سويد شيا، ووصفت رحيله بالخسارة المؤلمة للمشهد الثقافي السوري، مشيدة بما وصفته بـ”مسيرته الحرّة، وأفكاره التي كانت تحلق عكس الريح”.