هل تنتهي قصة حزب الله في معركة السلاح من خلال مفاوضات جديدة؟

يعيش لبنان مرحلة حاسمة في تاريخه السياسي والأمني، تتعلق بمسألة “حصر السلاح في يد الدولة”، حيث تتزايد الضغوط الدولية على الحكومة اللبنانية للتعامل مع ملف حزب الله، بينما يتمسك الحزب بموقفه بأن سلاحه جزء من الدفاع الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وبين هذه الضغوط الخارجية والمخاوف الداخلية، تتعاظم التساؤلات حول مستقبل هذا السلاح، وما إذا كان يشكل ضمانة لأمن لبنان أم يمثل عائقًا أمام استقراره السياسي وعودته إلى الحضن العربي.

هل تنتهي قصة حزب الله في معركة السلاح من خلال مفاوضات جديدة؟
هل تنتهي قصة حزب الله في معركة السلاح من خلال مفاوضات جديدة؟

بـ”استراتيجية دفاعية”

صوورة1_6

يؤكد العميد منير شحادة، المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى بعثة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام (اليونيفيل)، أن المقاومة اللبنانية لن تسلم سلاحها إلا في إطار “استراتيجية دفاعية” تضع السلاح في يد الدولة وتمنح الحكومة اللبنانية القرار الحصري في السلم والحرب، ويضيف شحادة خلال حديثه لـ”نبأ العرب”، أن زعيم حزب الله، نعيم قاسم، أوضح أن كلمة تسليم أو نزع سلاح الحزب لن تكون مطروحة إلا بعد أن تتولى إسرائيل مسؤولياتها بوقف الغارات على لبنان، والانسحاب من التلال المحتلة، وتسليم الأسرى، والبدء في إعادة الإعمار، وعندها ستصبح المقاومة جاهزة للجلوس على طاولة المفاوضات مع الدولة اللبنانية لبحث استراتيجية الأمن القومي.

ضغوط أمريكية وإسرائيلية

صوورة2_7

فيما يتعلق بالضغوط الأمريكية والإسرائيلية على لبنان بشأن نزع سلاح حزب الله، يشير العميد منير شحادة إلى أن الولايات المتحدة لا تهتم بمصلحة لبنان، حيث أن الوفود الأمريكية التي زارت بيروت كانت تقدم مطالب إسرائيلية بشكل أساسي تخدم تل أبيب، بينما لم تهتم واشنطن بأي مطلب قدمته بيروت، ويضيف شحادة أن المبعوث الأمريكي الخاص للبنان، توم باراك، أشار إلى أنه “لا ضمانات أمريكية” ولا يمكن إجبار إسرائيل على أي شيء، مهددًا لبنان بأنه إذا لم يضمن نزع سلاح حزب الله، فإنه سيعود إلى “بلاد الشام”، ويؤكد شحادة أنه لو كان مسموحًا للجيش اللبناني الاحتفاظ بالأسلحة الاستراتيجية، لكان بإمكان المقاومة إعادة النظر في مسألة سلاحها، لكن الواقع مختلف، فالولايات المتحدة ألزمت الجيش اللبناني بتدمير أي سلاح يتم مصادرته من حزب الله، وعدم الاحتفاظ به، باعتباره خطرًا على إسرائيل.

هل نزع السلاح يضمن وقف الغارات الإسرائيلية؟

صوورة3_8

في هذا السياق، يرى العميد منير شحادة أن نزع سلاح المقاومة اللبنانية “لن يضمن” انسحاب قوات الاحتلال من الجنوب أو وقف غاراتها المستمرة، حيث يعتقد أنه في حال تسليم سلاح المقاومة، فإن إسرائيل ستجتاح كامل لبنان، ويستند في رأيه إلى الغارات التي شنتها إسرائيل على الأراضي السورية والتي وصلت إلى محيط القصر الرئاسي ووزارة الدفاع، موضحًا أن إسرائيل قامت بتلك الغارات رغم أن النظام السوري الجديد أجرى مفاوضات مباشرة مع تل أبيب وأكد أنه لا يشكل تهديدًا، ولكن الاحتلال استهدف مراكز تابعة للجيش السوري لتدمير قدراته الدفاعية ضد أي اعتداءات.

سلاح حزب الله يهدد الدولة اللبنانية أم أنه موجه ضد إسرائيل فقط؟

صوررة4_2

يعلق شحادة قائلًا إن سلاح المقاومة كان دائمًا هدفه الدفاع عن لبنان ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، حيث أجبر هذا السلاح إسرائيل في عام 2000 على الانسحاب من جنوب لبنان، وفي حرب عام 2006 كان هو من ردع إسرائيل عن اجتياح كامل لبنان، ويواصل أنه رغم الضغوط التي تعرض لها حزب الله باغتيال كبار قادته، فإن قوات الاحتلال لم تتمكن من اجتياح لبنان بل تقدمت فقط في بلدة شمع في المحور الغربي، على بُعد نحو 4 كيلومترات عن الحدود، ويشير إلى أن إسرائيل لم تحقق أهدافها في الحرب الأخيرة إلا بعد التوقيع على اتفاق في 27 نوفمبر الماضي يقضي بانسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، حيث انتهك الاحتلال الهدنة- بغطاء أمريكي- واحتل 5 مناطق في الجنوب، ويختتم بالقول: “لولا المقاومة لوجدنا إسرائيل وصلت إلى بيروت”

حزب الله لا يستطيع الدفاع عن لبنان

صوررة5_3

لا يتفق العميد منير شحادة مع الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية ناجي ملاعب، الذي يرى أن سلاح حزب الله لا يمكنه الدفاع عن الدولة اللبنانية، حيث يعتقد ملاعب أن ما تبقى من سلاح لدى الحزب بعد حربه الأخيرة مع إسرائيل لا يُمكنه من تأمين الدفاع عن لبنان، ويشير ملاعب خلال حديثه لـ”نبأ العرب” إلى أن حزب الله يجب أن يدرك حقيقة “عدم توازن القوة” بينه وبين إسرائيل، وإذا لم يعترف الحزب بذلك فإن هذه “مكابرة في غير محلها”، ويضيف أن الحزب يروج لفكرة أنه لن يسلم سلاحه لإسرائيل، وهذا الكلام يهدف إلى إثارة الشارع والبيئة الحاضنة لهذا السلاح، ويؤكد أن الادعاء غير صحيح، لأنه ليس مطلوبًا من الحزب تسليم السلاح للاحتلال وإنما للحكومة اللبنانية.

صوررة6_4

ويذكر ملاعب أن الجيش اللبناني في منطقة تواجد بعثة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام (اليونيفيل) احتفظ بالأسلحة التي يمكنه الاحتفاظ بها، لافتًا إلى وجود أسلحة غير صالحة للاستخدام تم وضعها في مخازن تحت سيطرة الجيش، ويعتقد ملاعب أن حزب الله يناور للحصول على مكاسب سياسية مقابل تسليم سلاحه، ويؤكد الباحث أنه رغم الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، فإن لبنان يجب أن يسعى للتخلص من هذه الضغوط والعودة إلى مساره الصحيح في العالم العربي.

سلاح الحزب هو ذريعة إسرائيل للتدخل

صوررة7_5

يوضح الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، ناجي ملاعب، أن إسرائيل تعتبر سلاح حزب الله “ذريعة للتدخل” واستمرار احتلال الأراضي اللبنانية وشن الغارات عليها، رغم أن سلاح الحزب كان موجهًا منذ البداية ضد الاحتلال وليس ضد الدولة اللبنانية، ولكن بوجوده قد تطالب أطراف أخرى بالتسلح أيضًا، ويختتم ملاعب حديثه قائلًا إن نزع سلاح حزب الله لم يعد مطلبًا أمريكيًا أو إسرائيليًا، بل أصبح مطلبًا داخليًا لبنانيًا سواء من الحكومة أو المواطنين، مشيرًا إلى أن لبنان أمام مرحلة مصيرية لوضع حد للسلاح وحصره في يد الجيش، ومن الممكن التوصل إلى نتيجة في هذا الشأن خلال فترة ليست ببعيدة.