مستقبل حركة حماس في قطاع غزة: هل هناك آفاق جديدة؟

بي بي سي.

مستقبل حركة حماس في قطاع غزة: هل هناك آفاق جديدة؟
مستقبل حركة حماس في قطاع غزة: هل هناك آفاق جديدة؟

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده “للسيطرة الكاملة على قطاع غزة، والقضاء على حماس”، مشيرًا خلال مقابلة مع قناة “فوكس” التلفزيونية الأمريكية، إلى عدم وجود نية لدى إسرائيل “للبقاء كقوة حاكمة في القطاع”.

تصريحات نتنياهو تضيف مزيدًا من الضغوط على حركة حماس، التي تواجه بالفعل دعوات إقليمية ودولية لنزع سلاحها، وقد جاء رد الحركة على هذه المطالبات بالرفض، حيث أكدت أنها لن تتخلى عن أسلحتها ما لم تُقام دولة فلسطينية وينتهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

حماس أصدرت بيانًا قبل أيام توضح فيه موقفها، في ظل تزايد الضغوط لدفعها لتسليم جميع أسلحتها، وفتح المجال لمفاوضات دبلوماسية تؤدي إلى تطبيق حل الدولتين.

خلال مؤتمر دولي عُقد في يوليو الماضي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، برعاية المملكة العربية السعودية وفرنسا، أصدرت 17 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، إعلانًا مشتركًا حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين.

الإعلان، الذي يتضمن 42 مادة، دعا حماس إلى التخلي عن الحكم في قطاع غزة وتسليم سلاحها إلى السلطة الفلسطينية.

1

حماس ستواصل القتال

في مقابلة تلفزيونية مع قناة “الجزيرة مباشر” من الدوحة، أكد غازي حمد القيادي في حماس، أن الحركة لن تتخلى “حتى عن الطلقات الفارغة”، مشددًا على أن “السلاح يعني القضية الفلسطينية”، وأوضح أن حماس مستعدة لمواصلة قتالها حتى إقامة دولة فلسطينية.

2

يعتقد حسام الدجني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة “الأمة” بغزة، أن هناك تركيزًا إعلاميًا على المادة 11 من إعلان نيويورك، التي تنص على أن “الحكم الرشيد، وإنفاذ القانون، والأمن في جميع الأراضي الفلسطينية، يجب أن يكون من اختصاص السلطة الفلسطينية وحدها”، وهي المادة التي تدعو أيضًا إلى “تخلي حركة حماس عن حكمها لقطاع غزة، وتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية”.

الدجني أشار إلى وجود 41 مادة أخرى في الإعلان، بعضها يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية والتعايش السلمي مع إسرائيل، مؤكدًا لبي بي سي: “إذا طُبّقت المواد الأخرى من إعلان نيويورك، فستكون المادة 11 تحصيل حاصل”

3

الدولة الفلسطينية أولًا

حماس تُصنّف كمنظمة إرهابية من قِبل الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية أخرى، وقد أكدت الحركة في مناسبات عدة، أنها ستُسلّم أسلحتها للسلطة الفلسطينية، بمجرد قيام دولة فلسطينية.

أحد المسؤولين الأمنيين في حماس صرح لبي بي سي في وقت سابق، بأن الحركة فقدت جزءًا كبيرًا من سيطرتها على غزة، ولكنها لا تزال تحتفظ بهيكل للإدارة الحكومية في القطاع، وتعمل وحدتها الأمنية الجديدة، التي تُدعى “سهم”، على الحفاظ على النظام العام ومنع نهب المساعدات الواردة إلى القطاع.

بعد 22 شهرًا من الهجمات التي شنتها الحركة المسلحة على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والرد العسكري الإسرائيلي، تبدو حماس وذراعها العسكرية أضعف بكثير.

4

البروفيسور يوسي ميكلبيرغ، كبير المستشارين في منتدى “تشاتام هاوس” بلندن، قال إن حماس “أخطأت تقدير” تبعات هجمات السابع من أكتوبر، وتفيد مصادر محلية في غزة بأن الحركة لا تزال تمتلك أسلحة، لكن ذخائرها تتناقص.

المصادر تشير إلى أن مقاتلي الحركة يعيدون استخدام بقايا الذخائر الناتجة عن الضربات الإسرائيلية، مثل القنابل التي لم تنفجر، للحصول على المتفجرات اللازمة لصنع عبوات ناسفة محليًا لمهاجمة الجنود الإسرائيليين.

إسرائيل تمنع الصحفيين الدوليين من دخول غزة، لذا لا يمكن التحقق من هذه المعلومات بشكل مستقل.

في الوقت نفسه، يعبر فلسطينيون في غزة عن استيائهم من حماس، حيث نددت منظمة العفو الدولية بحملات “القمع والترهيب” التي قامت بها الحركة ضد المتظاهرين في مايو الماضي.

5

موقف الدول العربية

الجامعة العربية، التي تضم 22 دولة عضوًا، من بينها دول تدعم حماس مثل قطر، وقعت على إعلان نيويورك الذي يدعو الحركة إلى نزع سلاحها.

البروفيسور ميكلبيرغ يعتقد أن إسرائيل والولايات المتحدة تتبنيان مواقفهما المعتادة تجاه حماس، ولكنه يشير إلى أن لهجة الدول العربية قد تغيرت، ويؤكد أن الضغوط المتزايدة من اللاعبين العرب والإقليميين قد تترك حماس “معزولة تمامًا”.

على الصعيد الإقليمي، لم يتبقَّ للحركة المسلحة سوى عدد محدود من الحلفاء، وبعد الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران في يوليو الماضي، أصبحت قدرة طهران على دعم حماس أقل بكثير.

حزب الله، أحد أبرز القوى الإقليمية المتحالفة مع إيران، تعرض لضعف كبير جراء الهجمات الإسرائيلية واغتيال قادته خلال مواجهات عنيفة بين الجانبين، كما أنه يواجه مطالبات من الحكومة اللبنانية بنزع سلاحه.

الأسرى.

حماس تواصل احتجاز الأسرى الإسرائيليين المتبقين منذ 7 أكتوبر 2023 كورقة مساومة.

حيث احتجزت 251 شخصًا خلال ذلك الهجوم غير المسبوق، الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وفقًا للسلطات الإسرائيلية.

استشهد أكثر من 60 ألف فلسطيني نتيجة الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة منذ أكتوبر 2023، بحسب بيانات وزارة الصحة في القطاع.

تشير التقديرات الأمريكية إلى أن 20 أسيرًا إسرائيليًا على الأقل لا يزالون على قيد الحياة في غزة، بعد وفاة بعضهم وإعادة آخرين إلى إسرائيل.

في مطلع أغسطس، نشرت حماس مقطعًا مصورًا لأسير يُدعى إيفاتار ديفيد، يظهر فيه ضعيفًا وهزيلًا.

اغتيال قادة حماس.

وفقًا لميكلبيرغ، فإن قادة حماس في غزة لديهم مصالح مختلفة عن القادة الموجودين خارج القطاع، حيث يسعى قادة حماس في غزة إلى “الحفاظ على مكانتهم السياسية، التي لا تزال تتمتع ببعض الدعم، للتوصل إلى اتفاق”.

لكن للحفاظ على مكانتهم، يجب على قادة الحركة اتخاذ قرارات صعبة، ومع إعلان نتنياهو عن اعتزامه “السيطرة الكاملة على غزة”، تتضاءل خيارات حماس يومًا بعد يوم.

6

مستقبل حماس

التكهن بمستقبل حركة حماس يبدو معقدًا، حيث تقول الحركة إنها ستتخلى عن سلاحها إذا أُقيمت دولة فلسطينية، وهو الأمر الذي يبدو بعيد المنال ما لم تغير الحكومة الإسرائيلية موقفها الراهن.

لكن بعض المحللين يرون أن تخلي حماس عن سلاحها، حتى إن حدث، لا يعني بالضرورة زوال الحركة، ويتوقع يوسي ميكلبيرغ أن تكون لدى حماس فرصة “لإعادة بناء نفسها في المستقبل”، والبقاء في المشهد السياسي الفلسطيني سواء من داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها.

كل ذلك يعتمد على موقف إسرائيل من الدولة الفلسطينية المحتملة، وأيضًا على مدى شعبية حماس بعد الوضع الكارثي الذي يعيشه سكان غزة حاليًا عقب هجمات 7 أكتوبر وما تلاها من حملة عسكرية إسرائيلية.