في خطوة تحمل تداعيات سياسية وإنسانية خطيرة، وافق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) على خطة للسيطرة على مدينة غزة وتوسيع العمليات العسكرية البرية في القطاع الفلسطيني الممزق، متجاهلًا التحذيرات المتزايدة من الداخل الإسرائيلي بشأن المخاطر المحتملة على حياة الأسرى.

اقرأ كمان: محافظ الوادي الجديد يعلن نتائج الشهادة الإعدادية ويحتفل بنجاحات الطلاب
ويأتي هذا القرار في وقت تتعثر فيه جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار للحرب الدائرة منذ 22 شهرًا، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني و151 ألف مصاب، وخلّفت دمارًا واسعًا في البنية التحتية والأحياء السكنية، فضلًا عن تفاقم المجاعة نتيجة تعنت الاحتلال في منع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع.
وبموجب هذه الخطة، فإن جيش الاحتلال سوف يعمل في مناطق جديدة لم ينشط فيها من قبل في قطاع غزة، بما يشمل السيطرة على المخيمات الواقعة في وسط القطاع ومدينة غزة، رغم تحذيرات رئيس الأركان، إيال زامير، من تبعات هذه الخطوة التي ستستغرق 5 أشهر لإحكام السيطرة، بحسب هيئة البث الإسرائيلية.
وتتضمن الخطة التي وافق عليها أغلبية الوزراء خلال اجتماع عُقد في القدس استمر لنحو 10 ساعات، خمسة مبادئ أساسية لإنهاء الحرب: نزع سلاح حركة حماس، إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين (الأحياء والأموات)، تحويل غزة إلى منطقة منزوعة السلاح، فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على المدينة، وأخيرًا تشكيل حكومة مدنية بديلة لا تنتمي إلى حماس أو السلطة الفلسطينية
وبينما تستعد إسرائيل لتنفيذ هذه الخطة، يُثار تساؤل محوري يتعلق بمصير الفلسطينيين في حال المضي قدمًا في احتلال غزة بالكامل.
ما مصير الفلسطينيين بعد تنفيذ القرار؟
يقول المحلل السياسي وخبير الشؤون الشرق أوسطية، الدكتور حسن مرهج، إن قرار إسرائيل السيطرة الكاملة على غزة يحمل تداعيات إنسانية خطيرة، أبرزها التهجير الواسع، انهيار الخدمات الأساسية وتفاقم أزمة اللاجئين، مع خسائر مدنية مرتفعة واحتمال ملاحقات قانونية دولية.
ويذكر مرهج خلال حديثه لـ”نبأ العرب”، أن مصير الفلسطينيين سيكون “غامضًا” بين حكم عسكري مباشر، أو إدارة مؤقتة تحت قيود أمنية صارمة، ما قد يدفع إلى انتفاضة أو حرب استنزاف طويلة.
وفيما يتعلق بالخلافات بين القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل حول قرار احتلال غزة، يشير مرهج إلى أن هذه الخلافات “قد تعرقل تنفيذ الخطة، وتؤثر على التنسيق الميداني والمعنويات”، وأوضح المحلل السياسي أنه على الرغم من قدرة جيش الاحتلال على السيطرة “مؤقتًا” على غزة وسط حالة الاستنزاف والإرهاق التي يعاني منها، فإن الحفاظ على المدينة المكتظة بالسكان في بيئة مقاومة سيكون مكلفًا ومعقدًا.
وحول كيفية تعامل الفصائل الفلسطينية ميدانيًا بعد تنفيذ هذا القرار، يقول الدكتور حسن مرهج، إنها ستلجأ على الأرجح لمزيج من المقاومة المسلحة، الدفاع الحضري مثل نصب الكمائن لجنود الاحتلال، والعمل الشعبي، ما يجعل أي احتلال طويلًا ومرهقًا سياسيًا وإنسانيًا للطرفين.
هل يمكن للضغط الدولي أن يثني إسرائيل عن التنفيذ؟
مقال مقترح: الجيش السوري يبدأ خطوات انسحابه من محافظة السويداء
يقول المحلل السياسي، حسن مرهج، إن الضغط الدولي قد “يحد” من اندفاع إسرائيل نحو السيطرة الكاملة على غزة، لكن فعاليته تعتمد على شدته وتوافق القوى المؤثرة، بمعنى، إذا كان الضغط حازمًا وعمليًا، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه قد يدفع تل أبيب لتعديل خطتها والاكتفاء بسيطرة جزئية أو ترتيبات أمنية بديلة.
أما إذا اقتصر على إدانات وتصريحات بلا خطوات عملية، فإنه على الأرجح ستستخدمه إسرائيل للمماطلة وفرض واقع تدريجي على الأرض، بحسب مرهج، مضيفًا أنه في حال ضعف الموقف الدولي أو انقسامه، ستواصل إسرائيل خطتها كاملة، معتمدة على تراجع الاهتمام الدولي مع مرور الوقت.
ويختتم المحلل السياسي وخبير الشؤون الشرق أوسطية، الدكتور حسن مرهج، حديثه قائلًا إن نجاح الضغط الدولي مرهون باتخاذ إجراءات ملموسة وكلفة سياسية أو عسكرية لإسرائيل، وإلا “ستبقى احتمالات التراجع محدودة”.