يترقب العالم لقاءً مرتقبًا يجمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المقرر عقده في ولاية ألاسكا الأمريكية في 15 أغسطس 2025، بهدف مناقشة سبل إنهاء الحرب الأوكرانية وإعادة فتح قنوات التفاوض المباشرة بين واشنطن وموسكو.

اقرأ كمان: شاب يقتل آخر في مدينة نصر بسبب 50 جنيهًا فقط.. تفاصيل الحادث المروع
يُعتبر هذا اللقاء الأول من نوعه بين الطرفين منذ سنوات، تحديدًا منذ قمة العشرين في اليابان عام 2019، وقد وصفه مراقبون بأنه قد يحمل أبعادًا دولية حاسمة في ظل التوترات المتصاعدة شرق أوروبا.
وأشار ترامب إلى إمكانية دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى لقاء ثلاثي مستقبلي، ولكن اللقاء المقرر في ألاسكا سيبدأ بخطوة ثنائية تجمعه بالرئيس الروسي بوتين أولاً.
بينما يركز المحور السياسي على الحرب الأوكرانية، تحمل ولاية ألاسكا المختارة لاستضافة اللقاء دلالات تاريخية وجغرافية عميقة تُضفي على الاجتماع رمزية خاصة، فماذا نعرف عن الولاية الأمريكية الحالية التي كانت روسية سابقًا.
تاريخ ألاسكا وعلاقتها بروسيا
كانت ألاسكا جزءًا من الإمبراطورية الروسية منذ القرن الثامن عشر، عندما أسس التجار الروس، وعلى رأسهم غريغوري شليخوف، أول مستعمرة دائمة عام 1784 على جزيرة كودياك كمركز لتجارة الفرو، وبنهاية القرن، أُنشئت الشركة الروسية الأمريكية بمرسوم من الإمبراطور بول الأول، واحتكرت تجارة الفراء في ألاسكا وأدارت المستوطنات الروسية هناك.
خلال فترة السيطرة الروسية، عانى السكان الأصليون من الحروب والأمراض، إلى جانب فترات من التعايش السلمي، وبعد حرب القرم وتزايد التحديات العسكرية، قررت روسيا بيع ألاسكا للولايات المتحدة، وتمت الصفقة في 30 مارس 1867 مقابل 7.2 مليون دولار.
في 18 أكتوبر 1867، أُعلن رسميًا عن السيادة الأمريكية على ألاسكا، ورغم السخرية من الصفقة آنذاك واعتبارها “غباء سوارد”، إلا أن اكتشافات الذهب واستغلال الموارد الطبيعية لاحقًا غيّرا نظرة الأمريكيين تجاهها بشكل جذري.
الأسباب الاستراتيجية والجغرافية لاختيار ألاسكا
الموقع الجغرافي لألاسكا يجعلها قريبة جدًا من روسيا، إذ لا تفصل بينهما سوى مضيق بيرينغ الذي لا يتعدى 88 كيلومترًا في بعض المناطق، وبعض الجزر قريبة أكثر، ما يجعلها نقطة اتصال مثالية بين البلدين.
تُعد ألاسكا موقعًا استراتيجيًا عسكريًا واقتصاديًا للولايات المتحدة، لقربها من عواصم شمالية مهمة، ودورها الحيوي في الدفاع والطاقة، وفي ظل المنافسة المتزايدة على الموارد والنفوذ في المنطقة القطبية الشمالية، تمثل ألاسكا أحد أبرز مسارح التحركات الدولية، خصوصًا في ما يتعلق بمراقبة طرق الطاقة والنقل.
مطالب روسية باستعادة ألاسكا تعود للواجهة، حيث كانت هناك مطالبات روسية عديدة لاستعادة ألاسكا مرة أخرى، ففي هذا السياق طالبت أحزاب قومية روسية ولوائح في الدوما بإلغاء اتفاق البيع، ووقع بوتين مرسومًا يعتبر الصفقة “غير قانونية”.
أهمية اللقاء المرتقب
من المقرر أن يركز اللقاء على مناقشة الحرب الأوكرانية ومساعي وقف النزاع، وسط تصعيد عسكري في شرق أوكرانيا وقلق متزايد من انزلاق النزاع إلى ما هو أوسع.
ممكن يعجبك: تطبيق تيك توك يثني على قرار ترامب بتمديد المهلة الممنوحة له
يُعتبر اللقاء هو الأول بين ترامب وبوتين منذ مغادرة ترامب للبيت الأبيض، ويأتي في ظل تغيّرات داخلية في المشهد الأمريكي، واستعداداته لخوض الانتخابات الرئاسية مجددًا، ووصف الإعلام الروسي والأمريكي اختيار ألاسكا بأنه “قرار منطقي واستراتيجي” نظرًا لقربها الجغرافي من روسيا، وارتباطها التاريخي بالبلدين.
مع اقتراب موعد الاجتماع، تتحوّل ألاسكا من ولاية نائية ذات طقس قارس وتاريخ مضطرب، إلى مركز سياسي دولي تستعيد من خلاله دورها كـ”جسر رمزي” بين الشرق والغرب، وفي ظل التحولات الدولية الحادة، قد يكون هذا اللقاء في “أرض التحولات” بداية لتحول دبلوماسي جديد.