نتنياهو يواصل فرض السيطرة على غزة رغم الضغوط الدولية المتزايدة

وكالات.

نتنياهو يواصل فرض السيطرة على غزة رغم الضغوط الدولية المتزايدة
نتنياهو يواصل فرض السيطرة على غزة رغم الضغوط الدولية المتزايدة

يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ظل تصاعد العمليات العسكرية في غزة، على استمراره في خطته للسيطرة الكاملة على القطاع، رغم التحذيرات الدولية والمخاوف الداخلية، ويشير إلى أن الهدف ليس احتلال غزة بل تحريرها من حماس، مضيفًا أن العملية ستكون “سريعة قدر الإمكان”، وبحسب ما ذكره، فإن الجيش الإسرائيلي يسيطر حاليًا على نحو 75% من القطاع، إلا أن حماس لا تزال تمتلك “عقبتين رئيسيتين” على الأرض.

وفي خطوة جديدة، كشف نتنياهو عن رؤيته لليوم التالي للحرب، موضحًا أنه يسعى لإنشاء سلطة مدنية في غزة لا تتبع لحماس أو السلطة الفلسطينية، بل ترتبط بدولة أخرى لم يسمها، وتزامنت تصريحاته مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن تدريبات مفاجئة لاختبار جاهزيته للتعامل مع سيناريوهات متعددة في ساحات القتال.

وفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية، من المتوقع أن يقدم الجيش خطة لاحتلال مدينة غزة بالكامل خلال أيام، مع بدء تعبئة نحو 250 ألف جندي، وفي المقابل، أطلق وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش انتقادًا حادًا لنتنياهو، مشيرًا إلى فقدان الثقة بقدرته على حسم الحرب، داعيًا إياه لتحديد مسار واضح ينتهي إما باستسلام حماس وإطلاق جميع المحتجزين دفعة واحدة، أو بالقضاء عليها وضم أجزاء واسعة من القطاع إلى إسرائيل.

وعلى الصعيد الداخلي، تواصلت دعوات عائلات المحتجزين والقتلى الإسرائيليين إلى إضراب عام في 17 أغسطس، بهدف تعطيل الاقتصاد والضغط على الحكومة للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى تحرير الرهائن ووقف خطة احتلال غزة، وأشار البيان الصادر عن العائلات إلى مشاركة شركات خاصة ومنظمات مدنية وعمال ومواطنين في هذه الخطوة التصعيدية، بحسب سكاي نيوز.

وفي الأثناء، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة لمناقشة الخطة الإسرائيلية، حيث دعا الممثل البريطاني إسرائيل إلى رفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية في غزة بشكل “فوري ودائم”، محذرًا من أن توسيع العمليات العسكرية لن يحقق إعادة المحتجزين، بل قد يعقد المشهد أكثر.

ميدانيًا، أفادت مصادر طبية في غزة باستشهاد نحو 60 فلسطينيًا خلال الـ24 ساعة الماضية، بينهم 40 من منتظري المساعدات الغذائية، وارتفع عدد الوفيات الناتجة عن المجاعة وسوء التغذية إلى 2017 شخصًا، بينهم 100 طفل، وتزداد المخاوف من عملية عسكرية في مدينة غزة قد تدفع آلاف السكان نحو الجنوب المزدحم بالنازحين، حيث الخدمات شحيحة والأمن الغذائي هش.

وفي مداخلة على برنامج “التاسعة” عبر سكاي نيوز عربية، اعتبر الباحث في معهد ترومان للسلام بالجامعة العبرية، روني كاشيد، أن إسرائيل تعيش “أزمة عميقة” بين الشعب والحكومة، وأن خطاب نتنياهو بات يفتقر إلى الوضوح، مما يثير ارتباكًا داخليًا حول أهداف الحرب، موضحًا أن الشارع الإسرائيلي يرى في خطة احتلال غزة تهديدًا مباشرًا لحياة المحتجزين داخلها، محذرًا من أن أي عملية برية واسعة قد تؤدي إلى مقتلهم، وأكد أن “القضية الأساسية لدى الإسرائيليين حاليًا ليست الحرب بحد ذاتها، بل إعادة الرهائن”.

وكشف كاشيد أن الأسبوع الأخير شهد مظاهرات شارك فيها رؤساء سابقون لجهاز الشاباك ومسؤولون عسكريون كبار، دعوا خلالها إلى التوصل لاتفاق سريع يضمن عودة المحتجزين، محذرين من استمرار الحرب دون هدف واضح، وأشار إلى أن استمرار النزاع يرهق إسرائيل اقتصاديًا ويعزلها سياسيًا، مستشهدًا بانتقادات متصاعدة في أوروبا لاستخدام الأسلحة الإسرائيلية في غزة.

واتهم كاشيد نتنياهو بأنه يفكر بمستقبله السياسي أكثر من تفكيره بمصير الحرب، معتبرًا أن قراراته محكومة باعتبارات بقاء حكومته وائتلافه، وأضاف: “في إسرائيل اليوم، القرارات الكبرى تصاغ بما يخدم الأغلبية الحاكمة، حتى لو تعارضت مع مصالح الأمن القومي”، وحذر كاشيد من أن أي خطة لتهجير سكان غزة بمئات الآلاف إلى مسافة 20 أو 30 كيلومترًا جنوبًا ستفاقم الكارثة الإنسانية، مشيرًا إلى غياب البنية التحتية الكافية من مستشفيات ومدارس وخدمات.

تشير الوقائع الميدانية والسياسية إلى أن إسرائيل تقترب من مفترق طرق حاسم في حرب غزة، فبين خطة نتنياهو للسيطرة الكاملة، وضغوط الداخل والخارج لوقف التصعيد، تبدو الحسابات معقدة: كيف يمكن تحقيق الأهداف العسكرية دون التضحية بالرهائن أو تعميق العزلة الدولية؟، وتصريحات روني كاشيد تعكس مأزقًا مزدوجًا: أزمة ثقة بين القيادة والشعب، وانقسام داخل المؤسسة الأمنية حول جدوى الاستمرار في الحرب بالشكل الحالي، وبينما تتسارع التحضيرات العسكرية، يبدو أن مسار الأحداث سيحدد قريبًا إن كانت إسرائيل ستتجه نحو تسوية سياسية أم نحو مواجهة أوسع بعواقب إنسانية وسياسية ثقيلة.