في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية حول مستقبل قطاع غزة، يشتعل الجدل بشأن قرار الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، الرامي إلى احتلال القطاع بالكامل، هذا القرار الذي أقره المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) مساء الخميس الماضي، مما أثار ردود أفعال غاضبة ورافضة على المستويين الإقليمي والدولي، كما أدى إلى انقسامات داخل المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية.

اقرأ كمان: محاكمة ثلاثة أشخاص بتهمة سرقة المواطنين اليوم في المحكمة
على الصعيد الدولي، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حديث مع موقع “أكسيوس” أمس الإثنين، بأنه توقف عن تأييد خطط إسرائيل لاحتلال القطاع وفرض سيطرة طويلة الأمد عليه، هذا التحول يُعد لافتًا في الموقف الأمريكي إزاء السياسات الإسرائيلية المتشددة.
فيما أكدت مصر عبر تصريحات رسمية رفضها القاطع للإعلان، معتبرة أن احتلال غزة يمثل تهديدًا خطيرًا لاستقرار المنطقة، وفي الداخل الإسرائيلي، تواجه حكومة نتنياهو ضغوطًا متزايدة وانقسامات حادة، حيث أعلن رئيس أركان الجيش، إيال زامير، اعتراضه الصريح على الخطة ودعوته لإعادة النظر فيها، في وقت تتسع فيه رقعة الدعوات إلى الإضرابات والمسيرات الاحتجاجية لوقف تنفيذ القرار.
في ظل هذه التطورات المتسارعة، يبقى السؤال المطروح: هل سيضطر نتنياهو إلى التراجع عن قرار احتلال قطاع غزة بالكامل تحت وطأة الضغوط والاعتراضات الداخلية والخارجية المتزايدة؟
قضية غزة أعمق من رغبة نتنياهو
في هذا السياق، يرى الدكتور عبد المُهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، أن التطورات الأخيرة قد تترك أثرًا، لكنه سيكون محدودًا، مؤكدًا أن القضية أعمق من مجرد رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي، إذ تحظى بدعم أمريكي واضح لإنهاء هذا الملف.
وأوضح المحلل السياسي الفلسطيني، في تصريحات لـ”نبأ العرب”، أنه رغم تلك الأحداث، فإن تعطيل هذا المخطط لا يمكن أن يتم إلا من خلال اتفاق يتضمن نزع سلاح المقاومة وتسليم جميع الأسرى وجثامين القتلى، وإلا فإن إسرائيل ستواصل خطتها.
وشدد “مطاوع”، على أن اعتبار القطاع غير محتل “منافٍ للواقع”، مشيرًا إلى أن القوات الإسرائيلية تسيطر على نحو 75% من مساحته، فيما تُخضع النسبة المتبقية لسيطرة جوية ونارية، مشيرًا إلى أن مدينة غزة وشمالها كانتا تحت الاحتلال الكامل منذ اليوم الـ37 للحرب، حيث تمت السيطرة عليهما بسهولة وإخلاء السكان.
واعتبر الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن العامل الوحيد القادر على وقف استكمال إسرائيل لمخططها هو موافقة حماس على صفقة تشمل الإفراج عن جميع الأسرى ونزع السلاح، وهو مطلب لم يعد مقتصرًا على إسرائيل والولايات المتحدة، بل أصبح مطلبًا دوليًا واسعًا، ظهر حتى في الشروط المرتبطة بالاعترافات الدولية المزمعة في سبتمبر المقبل.
القرار وسيلة للضغط في المفاوضات
في سياق متصل، قال الدكتور جمال سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة السويس، إن الحديث عن قرار اجتياح غزة قد يكون في الأساس وسيلة للضغط على حركة حماس، خاصة في ظل الحديث عن مفاوضات.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، في تصريحات لـ”نبأ العرب”، أن التساؤل يطرح نفسه حول كيفية تنفيذ اجتياح شامل في وقت تتواصل فيه المحادثات، لافتًا إلى أن التصريحات من جانب مصر تؤكد أنها في حالة جاهزية عالية، وأن قواتها المسلحة مستعدة لأي تهديد يمس الأمن القومي، بينما تبقى قرارات المواجهة العسكرية تابعة لرؤية القيادة السياسية، مشيرًا إلى أن القاهرة أعدت العديد من البدائل منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023 للتعامل مع الأزمة.
وأشار “سلامة”، إلى أن الموقف الأمريكي يظل داعمًا لإسرائيل، وبالتالي لا يمكن التعويل على أي تصريحات أمريكية لتغيير مسار الأحداث، لافتًا إلى أن المظاهرات والاحتجاجات داخل إسرائيل لا تمثل مانعًا حقيقيًا أمام تنفيذ عمليات عسكرية.
من نفس التصنيف: جروبات الغش تدعي تسريب امتحان العلوم المتكاملة للصف الأول الثانوي
واختتم الدكتور جمال سلامة حديثه بالتأكيد على أن الحديث عن احتلال كامل غزة يُعد ورقة للضغط على حماس، وكذلك على مصر للضغط على حماس من أجل التوصل لنتائج من خلال المفاوضات الجارية والتوصل لاتفاق شامل لإنهاء الحرب.