تُعد زيارة خليل الحية، رئيس حركة حماس في غزة، إلى القاهرة في الوقت الراهن، رغم التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها مؤخرًا حول دور مصر في ملف غزة، خطوة تحمل دلالات مهمة، إذ أثارت تصريحاته السابقة جدلاً واسعًا وغضبًا كبيرًا، حيث دعا في خطاباته إلى الضغط على الحكومة المصرية لفتح معبر رفح وإدخال المساعدات إلى غزة، وهو ما اعتبرته القاهرة تحميلًا غير مسؤول لها بشأن إغلاق المعبر، مشددةً على أن المعبر مفتوح من جهتها، وأن إسرائيل هي من تعرقل مرور المساعدات.

ممكن يعجبك: خالد الجندي يحذر: تحليل الحشيش يعكس غياب الرشد العقلي والقدرة على التفكير السليم
على الرغم من هذا الخلاف، تأتي زيارة الحية في إطار حرص حركة “حماس” على الحفاظ على علاقات استراتيجية وثيقة مع مصر، إذ أكدت الحركة على أهمية الدور المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في جهود وقف الحرب وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني من خلال إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، مع استمرار التنسيق للتوصل إلى حلول تضمن استقرار الأوضاع في قطاع غزة.
تصريحات غير موفقة تستوجب الاعتذار
في هذا السياق، يرى الدكتور أيمن الرقب، المحلل السياسي الفلسطيني، أن وجود الحية على رأس وفد التفاوض يحمل دلالة رمزية رغم تصريحاته الأخيرة، مشيرًا إلى أن تلك التصريحات غير موفقة، ولا يجوز له أن يخطئ بهذا الشكل، فالاعتذار في الظروف العادية قد لا يكون مقبولًا، إلا أن الاعتذار في هذه الحالة واجب.
وأضاف الرقب في تصريحات لـ”نبأ العرب”، أن القاهرة تعاملت بأفق أوسع واستقبلت الوفد من أجل الشعب الفلسطيني، وليس من أجل حماس أو خليل الحية، موضحًا أن الموقف المصري يحظى بتقدير كبير من الشعب الفلسطيني، وقد انتقدنا تصريحات خليل الحية بشكل كامل، إذ يعبر هذا السلوك عن توجهات تنظيم الإخوان المسلمين التي تحاول حرف البوصلة عن الاحتلال الإسرائيلي وتوجيه الأنظار نحو مصر، التي كانت وما زالت أكبر داعم للشعب الفلسطيني خلال هذه الحرب.
ورجح الرقب أن يكون هدف زيارة الحية هو تقديم الاعتذار عما بدر منه من تصريحات، إلى جانب الهدف الأكبر من الزيارة، وهو السعي للوصول إلى اتفاق يمنع توسيع الاحتلال الإسرائيلي لغزة، والذي قد يؤدي إلى سقوط آلاف الشهداء.
من جهته، رحب الدكتور محمد مهران، الخبير الدولي، بالدور المصري التاريخي والحكيم في التعامل مع جميع الأطراف الفلسطينية، مؤكدًا أن استقبال مصر لوفود حماس عبر السنوات الماضية، بما في ذلك زيارات خليل الحية الآن، يعكس النهج المصري الثابت في وضع المصلحة الفلسطينية فوق أي اعتبارات أخرى، ويؤكد على قوة الدبلوماسية المصرية التي تتسامى فوق الخلافات الصغيرة لتحقيق الهدف الأسمى وهو رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.
مصر تتصدى لمحاولات النيل من دورها
أكد الدكتور مهران في تصريحاته لـ”نبأ العرب”، أن مصر أثبتت مرارًا وتكرارًا أنها أكبر من أي محاولات للنيل من دورها أو التقليل من جهودها الجبارة في خدمة القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الاتهامات التي وُجهت لمصر في الأيام الماضية، والتي رفضها الشعب المصري بأكمله، لم تثنِ الدولة عن مواصلة دورها لتحقيق السلام والاستقرار للشعب الفلسطيني الشقيق.
مقال له علاقة: نتائج تنسيق المرحلة الأولى 2025 لطلاب الثانوية العامة – كيفية الحصول عليها بسهولة
وأشار مهران إلى أن زيارات قادة حماس المتكررة للقاهرة تؤكد على الثقة الكاملة التي تحظى بها مصر لدى جميع الفصائل الفلسطينية، وتعكس الإدراك الفلسطيني العميق لأهمية الدور المصري في تحقيق الوحدة الفلسطينية والوصول لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية.
كما أكد أن الموقف المصري الثابت في فتح الأبواب أمام جميع الأشقاء العرب والفلسطينيين، حتى مع وجود خلافات أو سوء فهم مؤقت، يعكس عمق الحكمة المصرية وإدراك القيادة المصرية أن المصلحة العليا للقضية الفلسطينية تتطلب تجاوز الخلافات الثانوية والتركيز على الهدف الاستراتيجي المشترك، وهو تحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
المفاوضات مستمرة للوصول إلى وقف إطلاق النار
وبشأن آخر تطورات المفاوضات، أوضح الدكتور مهران أن الجهود المصرية المستمرة في القاهرة تركز حاليًا على تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في غزة، والعمل على تبادل الأسرى والمحتجزين، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تستند إلى قواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقيات جنيف التي تلزم جميع الأطراف بحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الطبية والغذائية للسكان المدنيين في مناطق النزاع.
كما أشار إلى أن المفاوضات الجارية حاليًا تشهد تقدمًا ملحوظًا بفضل الجهود المصرية المكثفة والتنسيق الوثيق مع الوسطاء القطريين والأمريكيين، مؤكدًا وجود تنسيق لقيادة قوات دولية بقيادة الجيش المصري.
وشدد الدكتور مهران، على أن مصر تسعى لتحقيق اتفاق شامل يضمن وقف العدوان على غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين، وفتح المعابر أمام حركة الأشخاص والبضائع، وبدء عملية إعادة الإعمار الشاملة للقطاع المدمر.