قرار جمهوري منتظر وكيف تجاوز حسن عبد الله أسوأ أزمة نقد أجنبي في تاريخ مصر

تترقب الأوساط المصرفية في مصر قرارًا جمهوريًا جديدًا يوم الاثنين المقبل يتعلق بمنصب محافظ البنك المركزي، حيث تتباين التوقعات بين تجديد التكليف لحسن عبد الله لسنة رابعة أو تعيين محافظ جديد، ويصادف يوم الثلاثاء 18 أغسطس أول يوم عمل رسمي بعد انتهاء مدة ولايته الحالية.

قرار جمهوري منتظر وكيف تجاوز حسن عبد الله أسوأ أزمة نقد أجنبي في تاريخ مصر
قرار جمهوري منتظر وكيف تجاوز حسن عبد الله أسوأ أزمة نقد أجنبي في تاريخ مصر

وكان حسن عبد الله، المصرفي المخضرم، قد كُلّف في 17 أغسطس 2022 بمنصب القائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري بقرار جمهوري، خلفًا لطارق عامر الذي استقال قبل نهاية ولايته بسنة وثلاثة أشهر.

وحسب ما ينص عليه القانون، فإن تعيين محافظ البنك المركزي لمدة 4 سنوات يتطلب موافقة مجلس النواب، وهو ما يُعد أمرًا غير ممكن حاليًا لحين انتخاب وتشكيل البرلمان الجديد، ومن ثم، من المرجح أن يقتصر القرار المرتقب على تكليف المحافظ المرتقب قائمًا بالأعمال لمدة عام.

خبرة مصرفية طويلة

يمتلك حسن عبد الله خبرة مصرفية تتجاوز 40 عامًا، قضى معظمها في البنك العربي الأفريقي الدولي، حيث شغل منصب الرئيس التنفيذي لمدة 16 عامًا حتى عام 2018، كما تولى في عام 2021 رئاسة مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.

وجاء تعيينه محافظًا للبنك المركزي في وقت بالغ الصعوبة، تزامنًا مع أزمة حادة في النقد الأجنبي، وانتشار السوق السوداء، وتصاعد معدلات التضخم، وهي تحديات تطلبت تدخلًا نقديًا حاسمًا.

كيف ساهم عبد الله في عبور اقتصاد مصر من أسوأ أزمة نقد أجنبي؟

الدولرة وتحرير سعر الصرف

تمكن حسن عبد الله خلال فترة ولايته الثانية من توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء بعد الإعلان عن تحرير سعر الصرف في 6 مارس الماضي بهدف سد فجوة النقد الأجنبي والقضاء على الدولرة.

وساهم ذلك في عودة ثقة المستثمرين بالاقتصاد المصري وضبط أسعار السلع وتوفير الدولار لكافة المستوردين، وترك تحديد قيمة الجنيه للعرض والطلب من النقد الأجنبي.

شهد سعر صرف الجنيه تذبذبا أمام الدولار صعودًا وهبوطًا بعد قرار تحرير سعر الصرف، فبعد أن انخفض إلى أدنى مستوى له في 9 أبريل الماضي، عاد خلال آخر 6 أسابيع للارتفاع إلى أعلى مستوى له منذ عام، حيث تداول بنهاية تعاملات الخميس عند 48.28 جنيه و48.38 جنيه للبيع لكل دولار.

وأكد صندوق النقد الدولي في وثائق سابقة له بتعهد البنك المركزي المصري باتباع سعر صرف مرن لتمكين الاقتصاد من مواجهة أي أزمة خارجية.

التضخم والفائدة

انخفض معدل التضخم على مستوى مدن إلى 13.9% في يوليو مقابل 14.9% في يونيو بعد أن قفز إلى أعلى مستوى قياسي له عند 38% في سبتمبر 2023، بفضل إدارة المركزي للسياسة النقدية بكفاءة.

عززت سياسة البنك المركزي بالحفاظ على سعر الفائدة مرتفعًا على مدار 4 سنوات ونصف في تحجيم التضخم وامتصاص السيولة الزائدة، قبل أن يعكس اتجاهه ويخفض سعر الفائدة بعد أن اطمأن أن التضخم يتراجع بشكل مستدام.

خفض البنك المركزي سعر الفائدة 2.25% في أبريل الماضي لأول مرة منذ 4 سنوات ونصف و1% في مايو لتتراجع إلى 24% للإيداع و25% للإقراض.

رفع القيود على الاستيراد

بعد تحرير سعر الصرف، تم رفع القيود على الاستيراد بهدف سد احتياجات السوق، وأن تكون البنوك الجهة الوحيدة لتدبير الدولار.

بعد وفرة النقد الأجنبي، ألغى عبد الله قرارًا اشتكى منه العديد من التجار وهو اقتصار الاستيراد على الاعتمادات المستندية دون خطابات الضمان، والذي ارتبط ظهور هذا القرار بأزمة النقد الأجنبي.

كما رفع عبد الله بداية العام الحالي القيود على تمويل 13 سلعة ترفيهية وكمالية، وترك تمويلها في يد كل بنك دون الحاجة للحصول على موافقة مسبقة منه.

كانت القائمة تضم السيارات كاملة الصنع، والهواتف المحمولة وكمالياتها، ونباتات وبذور غذائية، والفواكه الطازجة، والكاكاو، والمجوهرات واللؤلؤ، والتلفزيونات والأجهزة الكهربائية، والملابس الجاهزة، ولعب الأطفال، والإطارات المستعملة، والمفروشات والأثاث، فضلاً عن المعدات الثقيلة.

رفع القيود على البطاقات دوليا

شهد عملاء بطاقات الائتمان “كرديت كارد” انفراجة في رفع القيود تدريجيًا على الحدود القصوى للمعاملات الدولية خلال السفر خارج مصر أو التسوق من المواقع الإلكترونية الأجنبية.

كان المركزي قد فرض قيودًا على استخدام بطاقات الائتمان في المعاملات بسبب أزمة النقد الأجنبي واكتشاف ممارسات خاطئة من بعض العملاء باستخدامها في غير الغرض المخصص لها.

الأسبوع الماضي، أعلنت بعض البنوك، ومنها التجاري الدولي والأهلي المصري والعربي الأفريقي الدولي وQNB مصر ومصرف أبو ظبي الإسلامي، رفع حدود تدبير الدولار للعملاء المسافرين خارج مصر إلى 10 آلاف دولار، وهي تعد أعلى مرونة منذ فبراير 2022.

وكذلك خفض الرسوم على المعاملات الدولية باستخدام بطاقات الائتمان “كريدت كارد” إلى 3% بدلاً من 5% لتعود إلى سابق عهدها قبل 3 سنوات للمرة الثانية في 2025.

كانت البنوك قد شددت التعاملات على استخدام “كريدت كارد” خارج مصر والشراء من المواقع الأجنبية من داخل مصر، ورفعت العمولة إلى 10% قبل خفضها وتحجيم التعاملات قبل الانفراجة الأخيرة.

احتياطي النقد الأجنبي

قفز احتياطي النقد الأجنبي خلال سنة ونصف بنحو 13.5 مليار دولار ليرتفع إلى مستوى قياسي يتخطى 49 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي، وهو ما يحسب لعبد الله.

لكن هذا الارتفاع التاريخي ارتبط جزء كبير منه بتوقيع مصر على أكبر صفقة استثمارية بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات بهدف تطوير مشروع رأس الحكمة المطل على البحر الأبيض المتوسط.

كان صندوق النقد الدولي قد كشف في وقت سابق في وثائق المراجعة الأولى والثانية عن حصول المركزي على 15 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة لتدعيم احتياطي النقد الأجنبي وتسوية فجوة صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي.

انتعاش صافي الأصول الأجنبية للبنوك.

وصل إجمالي عجز صافي الأصول الأجنبية للبنوك، شاملة البنك المركزي المصري، إلى 29 مليار دولار في يناير 2024 قبل صفقة رأس الحكمة والإصلاحات الأخيرة.

تحول صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري، بما في ذلك البنك المركزي، إلى فائض مسجلاً 14.94 مليار دولار بنهاية يونيو، مقابل حوالي 14.71 مليار دولار بنهاية مايو الماضي، وفق بيانات رسمية منشورة على موقع البنك المركزي المصري.

صافي الأصول الأجنبية يمثل ما تملكه البنوك من ودائع ومدخرات بالعملات الأجنبية، ويكون قابلاً للتسييل في الأوقات التي يحتاج فيها البنك إلى سيولة لسداد التزاماته.

عودة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

ساهم حسن عبد الله بدور رئيسي في عودة المفاوضات المجمدة مع صندوق النقد الدولي بعد قرار تحرير سعر الصرف في مارس 2024 وإتمام المراجعات المؤجلة.

ووافق صندوق النقد الدولي على رفع قيمة قرض مصر من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، واعتماد المراجعتين الأول والثانية المؤجلتين منذ 2023 في أبريل 2024، ثم المراجعة الثالثة والرابعة.