عرائس “صباح” اليدوية تتألق بخيوط الكروشيه وتتحدى العلامات التجارية العالمية.. اكتشفوا الفيديو والصور!

البحيرة – أحمد نصرة:

عرائس “صباح” اليدوية تتألق بخيوط الكروشيه وتتحدى العلامات التجارية العالمية.. اكتشفوا الفيديو والصور!
عرائس “صباح” اليدوية تتألق بخيوط الكروشيه وتتحدى العلامات التجارية العالمية.. اكتشفوا الفيديو والصور!

في ركن صغير داخل منزلها البسيط بمحافظة البحيرة، تجلس صباح محاطة بكرات صوف بألوان زاهية، على الطاولة المقابلة لها توجد دمية نصف مكتملة تنتظر لمسة أناملها لتبث فيها الحياة، تمسك بإبرة الكروشيه كما لو كانت عصًا سحرية، وتحركها بخفة وهدوء، ليولد من كل غرزة خيطية ملامح جديدة مثل عينين واسعتين، ضفيرة شعر، ابتسامة طفولية، أو حتى زي شعبي يرتبط بذاكرة جيل كامل.

تبدأ قصة صباح مع الكروشيه منذ 17 عامًا، حين كانت أمًّا شابة تبحث عن وسيلة تعبر بها عن حبها لأطفالها، كانت تحيك لهم الشرابات والكوفيات والطواقي بألوان زاهية، وحين كان أصدقاؤها وأقاربها يرون ما تصنعه، كانوا يطلبون منها قطعًا خاصة، شيئًا فشيئًا، أدركت أن الكروشيه يمكن أن يتحول من هواية منزلية إلى مصدر دخل، لكن اللحظة الفارقة جاءت حين خطرت ببالها فكرة العرائس القماشية.

تقول صباح: “حسيت إني بعمل حاجة مختلفة، مش كتير بيعملوها، وحاجة قريبة من قلوب الأطفال والكبار في نفس الوقت”

رحلة صناعة كل عروسة طويلة ومرهقة، تبدأ بالتصميم في الخيال، ثم اختيار الألوان بعناية، بعدها تبدأ خيوط الكروشيه في الالتفاف حول بعضها لتتحول تدريجيًا إلى جسد صغير، وقد يستغرق إنجاز عروسة واحدة من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع حسب حجمها ونوع الخيط المستخدم والتفاصيل الدقيقة فيها.

تؤكد صباح: “التفاصيل الصغيرة هي اللي بتدي العروسة قيمتها، ابتسامة مرسومة صح، لون شعر متنسق، فستان معمول بحب، كل ده بيفرق جدًا”

لكن ما يميز صباح حقًا هو اختيارها للشخصيات، فهي لا تكتفي بصنع عرائس عادية، بل تحرص على أن تكون مستوحاة من ثقافتنا الشعبية والفنية، تصنع بوجي وطمطم وعم شكشك ودياسطي، لتعيد إلى الكبار ذكريات طفولتهم، وتُعرّف الأطفال الصغار بتراث مصري عريق، كما تصنع عرائس لفنانين محبوبين، لتكون القطع هدايا استثنائية تحمل قيمة فنية وعاطفية.

ورغم سنوات من العمل في هدوء، لم يعرف الناس حكاية صباح إلا بالصدفة، حين قرر ابنها أحمد أن يقوم ببث مباشر عبر حسابه على “تيك توك”.

يقول أحمد: “كنت بعمل فيديو عادي، وفجأة أمي دخلت عليا بالعرايس وهي بتضحك وقالت لي ورّي الناس شغلي، اتفاجئت إن الفيديو ينتشر بسرعة خيالية، ويتجاوز 13 مليون مشاهدة، الناس كانوا منبهرين بشغلها بشكل أنا نفسي ما توقعتوش”

تقول صباح وهي تبتسم بفخر: “الناس اندهشت من شغلي بعد ما ابني عمل لايف وأنا نفسي اندهشت أكتر، عمري ما توقعت إن آلاف الناس هيشوفوا العرايس اللي بعملها بإيدي ويتفاعلوا معاها بالشكل ده، حسيت إن تعبي مقدَّر أخيرًا”

منذ تلك اللحظة تغيرت حياة صباح، انهالت عليها الطلبات من داخل مصر وخارجها، لكنها رغم ذلك لم تتعامل مع الأمر كتجارة سريعة، بل كرسالة وحب تُودعهما في كل قطعة.

تختتم صباح حديثها: “أنا عارفة إن الشغل بياخد وقت طويل، لكن ده جمال العمل اليدوي، كل عروسة بتاخد جزء من وقتي واهتمامي وروحي كمان”

هكذا، من غرفة صغيرة في بيت ريفي هادئ، صنعت صباح عالَمًا من الدمى التي تحكي قصص الطفولة والفن والذاكرة، وبخيوط متشابكة وصبر طويل، نسجت لنفسها حكاية تشبه عرائسها: بسيطة الملامح، عميقة المعنى، ومليئة بالحياة