كيف يواجه السودان تفشي الكوليرا وما هي أسباب انتشاره؟

بينما يعاني السودانيون من آثار الحرب الأهلية وانهيار النظام الصحي، يجدون أنفسهم محاصرين بين الرصاصات والأوبئة الناتجة عن انعدام الأمن الغذائي، حيث انتشرت مسببات الأمراض بشكل أدى إلى تفشي الكوليرا في عدة مناطق وأقاليم.

كيف يواجه السودان تفشي الكوليرا وما هي أسباب انتشاره؟
كيف يواجه السودان تفشي الكوليرا وما هي أسباب انتشاره؟

وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، فقد تُوفي أكثر من 2.470 شخصاً في السودان بسبب الكوليرا، وأُصيب نحو 100 ألف آخرين حتى 11 أغسطس الجاري.

السودان.. كيف يواجه تفشِّ الكوليرا (1)_1

وفي وصف يبرز حجم الأزمة الصحية، أكدت منظمة “أطباء بلا حدود” أن السودان يشهد “أسوأ موجة تفشٍ منذ سنوات” في ظل الحرب المستمرة لأكثر من عامين.

تشير تقارير منظمات الأمم المتحدة إلى أن موجة الكوليرا التي اجتاحت عدة ولايات سودانية بدأت من ولاية القضارف بعد 8 أشهر فقط من اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023، حيث أعلنت وزارة الصحة السودانية “تفشي الوباء” في 12 أغسطس 2024.

السودان.. كيف يواجه تفشِّ الكوليرا (1)_2

ومع تصاعد الصراع داخل السودان، يواجه القطاع الصحي ضغوطًا متزايدة بعد خروج عدد من المستشفيات عن الخدمة في ظل انتشار الوباء، ما دفع بعض المستشفيات إلى وضع مراتب إضافية على الأرض لاستيعاب أعداد المرضى المتزايدة.

تقول منظمة أطباء بلا حدود إنها عالجت أكثر من 2300 مريض بالكوليرا بالتعاون مع وزارة الصحة السودانية في الطويلة بولاية شمال دارفور غربي السودان، حيث استقبل المستشفى 400 مريض خلال الأسبوع الأول من يوليو الماضي، رغم طاقته الاستيعابية التي لا تتجاوز 130 سريراً، مما أجبر العاملين على وضع مراتب إضافية على الأرض لاستيعاب العدد الكبير.

السودان.. كيف يواجه تفشِّ الكوليرا (1)_3

تركت المعارك الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع آثارًا سلبية على سلاسل توريد الغذاء، إذ أُعلنت المجاعة بالفعل في نحو 10 مناطق داخل البلاد بما في ذلك مخيم زمزم، بينما صُنفت 12 منطقة أخرى على أنها معرضة للخطر، وفق تقارير الأمم المتحدة.

في ظل مزيج من الجوع والعطش ونقص المياه الصالحة للشرب، يواجه السودانيون ظروفًا مأساوية تمثل بيئة مثالية لانتشار الأوبئة مثل الكوليرا.

تحذر منظمة “اليونيسيف” من أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية هم الأكثر عرضة للإصابة بالكوليرا، حيث تُقدّر الأمم المتحدة أن أكثر من 640 ألف طفل دون سن الخامسة في شمال دارفور وحدها معرضون للخطر، كما تؤكد التقارير أن أعداد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية تضاعفت خلال العام الماضي.

السودان.. كيف يواجه تفشِّ الكوليرا (2)_4

من جهتها، تُرجع “منسقية النازحين واللاجئين” في إقليم دارفور أسباب استمرار تفشي الكوليرا إلى الأوضاع الإنسانية الصعبة، نتيجة نقص الغذاء والخدمات الأساسية، خاصة داخل مخيمات النازحين.

وتؤكد المنسقية في بياناتها الأخيرة أن الكوليرا والأمراض الأخرى مثل الملاريا تنتشر بشكل كبير خلال موسم الخريف، في ظل تراكم النفايات ونقص المياه النظيفة، حيث يُضطر السودانيون إلى شرب مياه الآبار والوديان الملوثة، مما أدى إلى تفاقم الوضع الصحي ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة.

يقول المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين في إقليم دارفور آدم رجال إن هناك تزايدًا خطيرًا في حالات تفشي الكوليرا، حيث بلغت أكثر من 283 حالة منذ 21 يوليو، فيما ارتفع العدد التراكمي للإصابات إلى 6744 حالة في إقليم دارفور.

5

تقول منظمة أطباء بلا حدود إنها سعت لإنشاء العديد من مراكز العلاج الموسعة، لكنها واجهت أزمة نقص الأدوية ومشكلة المياه، كما أطلقت وزارة الصحة السودانية حملات تطعيم بعد تسلمها من اليونيسيف 404,000 جرعة من لقاح الكوليرا في سبتمبر الماضي، لكن كل تلك الجهود لم تنجح في إيقاف الوباء الذي أسفر عن وفاة 40 شخصًا وإصابة أكثر من 2300 مريض خلال الأسبوع الماضي فقط.

يشير تقرير “اليونيسيف” إلى أن 3.4 ملايين طفل أقل من سن الخامسة معرضون لخطر الإصابة بالأمراض الوبائية داخل السودان، كما أن أكثر من 70% من المستشفيات في المناطق المتضررة من النزاع لا تعمل، بينما لم يحصل العاملون في الخطوط الأمامية، بما في ذلك الممرضين والأطباء، على رواتبهم منذ أشهر.