تشهد القارة الجليدية والمحيط الجنوبي المحيط بها تغيرات مفاجئة تثير القلق، إذ تتقلص الصفائح الجليدية بسرعة قياسية، وتذوب الجروف الجليدية العائمة، بينما تظهر التيارات المحيطية الحيوية علامات تباطؤ واضحة، ولم تكن هذه التحولات متوقعة بهذا الشكل، إذ تهدد النظم البيئية المحلية وتنبئ بتداعيات عالمية واسعة النطاق على منسوب سطح البحر والمناخ.

ممكن يعجبك: استكشف خدمات الغسيل الكلوي في أسوان المتاحة في 6 مستشفيات متميزة
ووفقًا لبحث منشور في مجلة “Natur”، فقد أجرى فريق من العلماء تحليلات ميدانية وملاحظات على مدار سنوات، ليؤكدوا أن هذه التغيرات بدأت بالفعل وستتفاقم بشكل كبير في المستقبل، وتعد القارة القطبية الجنوبية الآن نموذجًا حيًا لفهم آليات التغير المفاجئ، إذ تشير النتائج إلى أن البيئة التي كانت تعتبر ثابتة ونائية بدأت تتفاعل بسرعة مع الاحتراز العالمي.
وتعرف هذه التغيرات المفاجئة بأنها تحولات مناخية أو بيئية تحدث أسرع بكثير مما كان متوقعًا، ويمكن أن تضخم نفسها ذاتيًا، فعلى سبيل المثال، يؤدي ذوبان الجليد البحري إلى ارتفاع حرارة المحيطات، مما يسرع من ذوبان مزيد من الجليد، وهو ما يجعل من الصعب عكس هذه العملية على فترات زمنية مهمة للبشر.
مواضيع مشابهة: طقس الـ6 أيام القادمة: أجواء حارة ورطوبة مرتفعة حسب توقعات الأرصاد الجوية
ومنذ عام 2014، يشهد الجليد البحري حول أنتاركتيكا انكماشًا حادًا يتجاوز معدل تقلص الجليد في القطب الشمالي، ما يؤثر على طيور البطريق الإمبراطوري وغيرها من الأنواع التي تعتمد على الجليد كموائل للتكاثر، ويزيد تقلص الجليد من تعرض الجروف الجليدية للأمواج، ويبطئ الدورة الانقلابية في المحيط الجنوبي، مما قد يقلل قدرة المحيط على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتوزيع الحرارة، ويخل بالنظم البيئية البحرية.
ويسهم فقدان الغطاء الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية وشرقها جزئيًا في ارتفاع مستويات سطح البحر، حيث يُقدر أن طبقة الجليد وحدها قادرة على رفعه بأكثر من خمسة أمتار، ويعيش نحو 750 مليون شخص حول العالم في مناطق منخفضة قرب البحر، ما يجعل هذه التغيرات تهديدًا مباشرًا للبنية التحتية الساحلية والمجتمعات المحلية.
وتتأثر النظم البيئية في أنتاركتيكا بالحرارة وارتفاع درجات الحرارة، والنشاط البشري، ووصول الأنواع الغازية، مما يستدعي حماية صارمة عبر معاهدة أنتاركتيكا وإنشاء مناطق محمية، لكن الخبراء يؤكدون أن الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل عاجل هو السبيل الوحيد لتقليل أثر هذه التغيرات المفاجئة.
ولم تعد القارة القطبية الجنوبية بيئة مستقرة، وما يحدث فيها لن يبقى محصورًا فيها، حيث إن التغيرات المفاجئة التي يشهدها النظام البيئي والجليدي لأنتاركتيكا تحمل تحذيرًا عالميًا، وتفرض على الحكومات والمجتمعات اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من التأثيرات الوخيمة المتوقعة على المناخ وارتفاع مستويات البحار.