أكد خبراء مصرفيون في تصريحات لموقع “نبأ العرب” أن استعادة الثقة كانت العامل الأساسي وراء الزيادة الملحوظة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج، حيث نجحت السياسة النقدية الجديدة في تحقيق التوازن في السوق الرسمي، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة السوق السوداء، مما ساهم في خلق بيئة آمنة ومحفزة للعاملين في الخارج لإعادة أموالهم إلى الداخل.
وأشار الخبراء إلى أن التحسن في إدارة ملف سعر الصرف، إلى جانب تراجع المخاطر السياسية والاقتصادية، وارتفاع الفوائد على الجنيه، بالإضافة إلى المبادرات الحكومية، كانت من أبرز العوامل التي شجعت المصريين في الخارج على تحويل أموالهم إلى الداخل بدلاً من الاحتفاظ بها في الخارج أو توجيهها للسوق السوداء.
وقد سجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج زيادة كبيرة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، حيث ارتفعت بنسبة 47.2% لتصل إلى نحو 26.6 مليار دولار، مقارنة بـ 18.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري. وعلى المستوى الشهري، شهدت التحويلات خلال شهر أغسطس 2025 ارتفاعاً بنسبة 32.6%، حيث سجلت نحو 3.5 مليار دولار، مقابل نحو 2.6 مليار دولار خلال شهر أغسطس 2024.
وفي هذا السياق، أوضح محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمار، أن الدافع الرئيسي لزيادة تحويلات المصريين بالخارج يعود إلى استعادة الثقة في النظام النقدي الجديد، نتيجة تطبيق سياسات نقدية احترافية. وأضاف أن تحرير سعر الصرف أدى إلى أن يعكس الدولار العرض والطلب الحقيقي داخل البنوك، مما ساهم في إنهاء حالة الارتباك السابقة وطمأنة العاملين بالخارج بشأن استقرار مدخراتهم.
كما أشار نجلة إلى أن المعروض الكبير من الدولار في السوق مؤخراً أدى إلى تراجع سعره أمام الجنيه، مما عزز الثقة لدى المصريين في الخارج بأن أموالهم في أمان وأن الجنيه بدأ يستعيد جزءاً من قيمته. وذكر أن العديد من العاملين بالخارج بدأوا تحويل أموالهم للجنيه للاستفادة من الفوائد المرتفعة، قبل أي تخفيض متوقع للفائدة في المستقبل.
كما لفت نجلة إلى أن المبادرات الحكومية، مثل طرح أراضٍ ووحدات سكنية للمصريين بالخارج، ساهمت في جذب شريحة واسعة من المصريين لإعادة توجيه أموالهم نحو الاقتصاد المحلي. وأكد أن استعادة الثقة لم تتحقق إلا من خلال إدارة واقعية للأزمة النقدية، بعد أن كان الضغط المفرط على المدخرين يدفع أموالهم نحو السوق السوداء.
من جانبها، أكدت سهر الدماطي، نائبة رئيس بنك مصر الأسبق، أن زيادة التحويلات تعكس تحسناً شاملاً في الأوضاع الاقتصادية والسياسية داخل مصر. وأوضحت أن الاستقرار السياسي وتراجع المخاطر الجيوسياسية، خاصة بعد الهدنة الأخيرة في غزة، ساهمت في طمأنة المصريين بالخارج، بالإضافة إلى وجود سعر صرف مرن وواضح يعكس الواقع الفعلي للسوق بعد انتهاء ظاهرة “العملتين”.
وأضافت الدماطي أن الدولة لم تتأخر يوماً عن الوفاء بالتزاماتها المالية وسداد ديونها، مما منحها ثقة لدى المؤسسات الدولية. وأشارت إلى تحسن التصنيف الائتماني لدى وكالات مثل موديز وستاندرد آند بورز وفيتش، وانخفاض مؤشر المخاطر من نحو 900 إلى 400 نقطة، مما يعد إشارة قوية لاستقرار بيئة الاستثمار. وأكدت أن مبادرات الحكومة لتمكين المصريين بالخارج من امتلاك وحدات سكنية أو الاستثمار في الداخل تربطهم بالدولة وتدعم الاقتصاد الوطني بوفرة من العملة الأجنبية.


تعليقات