مع دخول فصل الصيف الذي يشهد زيادة في الطلب على الغاز، تواجه مصر تحديًا جديدًا يتمثل في تراجع وارداتها من الغاز الإسرائيلي، والذي يمثل ما بين 40% و60% من إجمالي وارداتها، ونحو 15% إلى 20% من استهلاكها، وفقًا لبيانات “مبادرة البيانات المشتركة”.

مقال له علاقة: أسعار الأسماك تنخفض 10% مع اقتراب عيد الأضحى بسبب تراجع الإقبال
إمدادات الغاز الإسرائيلي تشهد تراجعًا ملحوظًا بسبب أعمال صيانة دورية في حقل “ليفياثان” البحري، مما أجبر القاهرة على تقليص أو وقف ضخ الغاز إلى بعض مصانع الأسمدة لمدة 15 يومًا على الأقل، وتزداد الضغوط مع اقتراب أشهر الصيف، حيث أبلغت الشركات المصدرة للغاز الإسرائيلي الجانب المصري بعزمها خفض الكميات الموردة من مليار قدم مكعب يوميًا إلى 800 مليون قدم مكعب، نتيجة ارتفاع الاستهلاك المحلي في إسرائيل، بحسب “الشرق بلومبرج”، فما هي البدائل المتاحة لمصر عن الغاز الإسرائيلي وكيف تستطيع تجاوز “شبح أزمة الطاقة” بأقل الخسائر؟
من نفس التصنيف: معدل التضخم الأساسي يصل إلى 13.1% في مايو.. ماذا يعني ذلك للاقتصاد؟
خطوات استباقية
يرى وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، في حديثه مع “نبأ العرب”، أن الدولة المصرية تحركت مبكرًا هذا العام لتأمين احتياجاتها من الغاز، من خلال زيارات إلى دول مثل قطر والجزائر لتوقيع اتفاقيات طويلة الأجل، بالإضافة إلى التعاقد مع سفينة تغويز من تركيا لتوفير كميات إضافية خلال الصيف، وأضاف النحاس، أن هذه المرة لم ننتظر حتى تقع الأزمة، بل تحركنا بشكل منظم، حيث شملت المفاوضات مع دول مثل قطر والجزائر أيضًا تسهيلات في الدفع، على عكس ما كان يحدث مع الجانب الإسرائيلي الذي كان يطلب مستحقاته أولًا بأول، وحذر النحاس من أن أي تصعيد في المنطقة – سواء مع غزة أو في البحر الأحمر أو بين إسرائيل وإيران– قد يؤدي إلى شلل في عمليات نقل الغاز، مما يهدد الإمدادات حتى لو تم استيراد دفعة أولى، فقد يتعطل الوصول إلى دفعة تالية، وتابع: لذلك فإن الحكومة رسمت سيناريوهات بديلة تشمل تحويل مسارات الإمدادات من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، والاعتماد على دول مثل الجزائر المطلة عليه، كما جرى التخطيط لجلب ثلاث سفن تغويز إضافية، بهدف توزيع المخاطر وتأمين وفرة مستمرة، وأكد أن مصر تتحرك بخطة محكمة لتوزيع المخاطر الجغرافية وزيادة التنقيب المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد في المستقبل، مضيفًا أنه إذا كانت هناك مشكلة متوقعة في يوليو، فالدولة بدأت التحرك قبلها بشهرين، وهو ما يعكس نوعًا من التخطيط الجيد.
توسيع الأسطول وزيادة الإنتاج
وقال جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، في حديثه لـ”نبأ العرب”، إن لدى مصر عدة بدائل حيث تعمل على ثلاثة مسارات متوازية لتأمين احتياجاتها من الغاز، أولها توقيع اتفاقيات طويلة الأجل مع دول عدة مثل قطر والجزائر وروسيا، وثانيها التوسع في عدد سفن التغويز، وأوضح القليوبي، “وصلت السفينة الثانية بالفعل إلى مصر، وهناك مفاوضات لاستقدام سفينتين إضافيتين، بالإضافة إلى السفينة الموجودة لدى الأردن في خليج العقبة، والتي يمكن استخدامها عند الحاجة، ليصبح لدينا أسطول من أكثر من أربع سفن، ما يوفر مرونة كبيرة في الاستيراد”، وأضاف القليوبي، أن المسار الثالث هو أن وزارة الكهرباء لديها خطة لإدخال عدد من مشروعات الطاقة المتجددة إلى الخدمة خلال أشهر الصيف، مما سيساهم في تقليل الاعتماد على الغاز في توليد الكهرباء، وأشار القليوبي إلى أن “قطاع البترول يواصل تنفيذ خطة تطوير عدد من الحقول، منها حقل ظهر، وتسريع عمليات الإنتاج من الاكتشافات التي أُعلن عنها خلال عام 2023، لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، واختتم القليوبي بأن مصر باتت تمتلك اليوم بدائل متعددة، من خلال اتفاقيات استيراد مرنة وخطط تنمية داخلية، مما يعزز الثقة في قدرتها على تجاوز الأزمة المقبلة دون انقطاع في الإمدادات أو ضغط كبير على السوق المحلي.