استكشف متحف علوم البحار في قناة السويس.. حارس أسرار البحرين الأحمر والمتوسط

الإسماعيلية – أميرة يوسف:

استكشف متحف علوم البحار في قناة السويس.. حارس أسرار البحرين الأحمر والمتوسط
استكشف متحف علوم البحار في قناة السويس.. حارس أسرار البحرين الأحمر والمتوسط

في ركن هادئ من حرم جامعة قناة السويس، بالقرب من ضفاف المجرى الملاحي الأشهر عالميًا، تقف بناية فريدة تجذب الأنظار، هنا حيث تمتزج رائحة الملح بعبق المعرفة، يقف متحف علوم البحار كدليل حي على سحر أعماق البحر الأحمر والبحر المتوسط، ويحتوي المتحف على عالم من الأسرار البحرية، كاشفًا عن الحياة المدهشة في الشعاب المرجانية، ودهشة الكائنات البحرية، وألغاز مواسم الهجرة، وفي هذه القاعة الهادئة، تتدلّى الهياكل العظمية لأسماك متنوعة لم تراها من قبل، ويقف قرش عملاق في نهاية قاعة العرض كأنه حارس صامت لعالم مائي غامض، يروي بجسده المتجمد حكايات الأعماق، ويثير في نفوس الزوار رهبة البحر وهيبته، كأنما يحرس أسرارًا لا تُقال إلا لمن يملك شغف الاكتشاف وجرأة الغوص في المجهول، وتحدق عيون السلاحف المحنطة في الزوار كأنها تروي قصصًا عن أعماق لم تصلها يد الإنسان، أما الأسماك الملونة فتستقر خلف زجاجات العرض، وكأنها تجمدت في لحظة حياة، لتمنح كل من يراها لمحة من عالم لا يُرى إلا بالغوص أو في الخيال.

لا يكتفي المتحف بعرض العينات فحسب، بل يفتح أبوابه للعقول الباحثة، والطلاب المتعطشين للعلم، والباحثين الذين يجدون في كل عينة بحرية بابًا لاكتشاف جديد، وفي كل هيكل دليلًا على معجزة خلق لم تُكتشف كل أسرارها بعد، وفي قلب كلية العلوم بجامعة قناة السويس، يقع متحف علوم البحار، أحد أبرز المعالم العلمية والتعليمية في محافظة الإسماعيلية ومنطقة القناة وسيناء، يُجسد المتحف رسالة الجامعة في دعم التعليم البيئي والتوعية المجتمعية بقضايا البيئة البحرية والتنوع البيولوجي المائي، ويُعد مرجعًا مهمًا للطلاب والباحثين والزوار من مختلف الأعمار والمجالات.

يقول الدكتور رأفت عفيفي أستاذ قسم علوم البحار في جامعة قناة السويس: إن المتحف يضم مجموعة فريدة من الكائنات البحرية المُحنطة والهياكل العظمية التي تم جمعها من مياه البحر الأحمر وخليج السويس والبحر المتوسط، وبعض من قناة السويس بما في ذلك أسماك نادرة وشعب مرجانية وهياكل سلاحف بحرية، والطيور البحرية، وبعض الرخويات البحرية، إلى جانب عينات من الأعشاب البحرية والطحالب، وأضاف أن المتحف يحتوي على أنواع من الأسماك المفترسة مثل أسماك القرش، وأسماك الزينة المبهرة في ألوانها وتكوينها، وأخرى توضح خصائص التأقلم البيئي في البيئات المختلفة، وتُعرض هذه العينات داخل صناديق زجاجية مصممة بعناية، وتُرفق بكل منها بيانات تفصيلية حول خصائص الكائن وأماكن تواجده وخصائصه البيئية.

يُعد المتحف معملًا مفتوحًا للطلاب، خاصة طلاب أقسام علوم البحار وعلوم الحيوان، حيث يُتيح لهم فرص دراسة العينات الحقيقية وممارسة التحليل والمقارنة ومهارات التصنيف البيولوجي، ويُسهم كذلك في ربط المعرفة النظرية بالتطبيق العملي، من خلال استعراض نماذج حية للأنظمة البيئية البحرية، ويشارك المتحف في دعم المشروعات البحثية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، والتغيرات البيئية في قناة السويس والمنطقة المحيطة، كما يسهم في رصد الآثار الناتجة عن التغيرات المناخية والهجرة البيولوجية للكائنات البحرية.

وتؤكد الدكتورة مها فريد عميد كلية العلوم بجامعة قناة السويس أن المتحف لا يقتصر دوره على الجانب الأكاديمي فقط، بل يمتد ليكون مركزًا للتثقيف المجتمعي، حيث يستقبل بشكل دوري زيارات طلابية من المدارس والهيئات التعليمية الأخرى، ويقدم محاضرات وأنشطة توعوية حول أهمية الحفاظ على البيئة البحرية، وخطورة التلوث البلاستيكي، وضرورة حماية الكائنات المهددة بالانقراض، وتُعقد داخل المتحف فعاليات علمية تثقيفية في المناسبات البيئية، مثل “يوم البيئة العالمي” و”يوم المحيطات”، وورش عمل تُشجع الأطفال على الاكتشاف والاستكشاف، وزيادة وعي الأجيال الناشئة بأهمية كنوز البحار.

يمتاز متحف علوم البحار بموقعه الاستراتيجي داخل جامعة قناة السويس، التي تخدم منطقة ذات طبيعة بيئية وبحرية خاصة، وتشهد نشاطًا ملاحيًا وتجاريًا متزايدًا عبر قناة السويس، ومن ثم، يُعد المتحف وسيلة فعالة لفهم التفاعلات البيئية في محيط هذه الممرات المائية المهمة.