تأخر تشغيل خط نيتسانا يهدد صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر وأثره على السوق المصري

كان من المتوقع أن يبدأ هذا العام تشغيل خط أنابيب “نيتسانا”، وهو مشروع إسرائيلي يهدف إلى تعزيز صادرات الغاز إلى مصر بقدرة 600 مليون قدم مكعب يوميًا، في وقت تواجه فيه القاهرة تحديات كبيرة في تأمين احتياجاتها من الوقود، خاصة مع تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع أسعار الغاز المسال عالميًا، لكن وفقًا لتقرير منصة أخبار الطاقة “ميس”، هناك خلافات حادة بين شركاء حقلي “ليفياثان” و”تامار” وشركة الغاز الإسرائيلية حول توزيع الكميات وتكاليف التنفيذ، مما أدى إلى تأجيل تشغيل الخط حتى النصف الأول من عام 2028، بحسب شركة نيو ميد إنيرجي، الشريكة في حقل ليفياثان.

تأخر تشغيل خط نيتسانا يهدد صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر وأثره على السوق المصري
تأخر تشغيل خط نيتسانا يهدد صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر وأثره على السوق المصري

يعتبر خط نيتسانا مشروعًا بريًا بطول 65 كيلومترًا، يربط الشبكة الغازية الإسرائيلية الجنوبية بالشبكة المصرية في شرق سيناء، وكان من المخطط أن يرفع الخط الطاقة التصديرية من 1.6 إلى 2.2 مليار قدم مكعب يوميًا.

يضع هذا التأجيل صادرات إسرائيل من الغاز إلى مصر عند 1.6 مليار قدم مكعب يوميًا اعتبارًا من منتصف 2026، بدلًا من الوصول إلى 2.2 مليار كما كان مخططًا، مما قد يصعب على مصر تعويض احتياجاتها بأسعار ميسورة، مقارنة بالغاز الطبيعي المسال الأكثر تكلفة، فما هو موقف مصر؟

مصر تتحرك مبكرًا لتأمين بدائل.

رغم المخاوف من تعطل الإمدادات أو ارتفاع الأسعار، أكد خبراء تحدثوا مع “نبأ العرب” أن مصر قد تحركت مبكرًا لتأمين بدائل متنوعة استعدادًا لفصل الصيف، وسعت لتقليل الاعتماد على الغاز الإسرائيلي.

يرى وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن الدولة المصرية قد تحركت مبكرًا هذا العام لتأمين احتياجاتها من الغاز، من خلال زيارات إلى دول مثل قطر والجزائر لتوقيع اتفاقيات طويلة الأجل، بالإضافة إلى التعاقد مع سفينة تغويز من تركيا لتوفير كميات إضافية خلال الصيف.

أضاف النحاس، أن هذه المرة لم ننتظر حتى تحدث أزمة، بل تحركنا بشكل منظم، حيث شملت المفاوضات مع دول مثل قطر والجزائر تسهيلات في الدفع، على عكس ما كان يحدث مع الجانب الإسرائيلي الذي كان يطلب مستحقاته أولًا بأول.

وحذر النحاس من أن أي تصعيد في المنطقة، سواء مع غزة أو في البحر الأحمر أو بين إسرائيل وإيران، قد يؤدي إلى شلل في عمليات نقل الغاز، مما يهدد الإمدادات حتى لو تم استيراد دفعة أولى، فالوصول إلى دفعة تالية قد يتعطل.

تابع النحاس، أن الحكومة رسمت سيناريوهات بديلة تشمل تحويل مسارات الإمدادات من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، والاعتماد على دول مثل الجزائر المطلة عليه، كما تم التخطيط لجلب ثلاث سفن تغويز إضافية، بهدف توزيع المخاطر وتأمين وفرة مستمرة.

أكد أن مصر تتحرك بخطة محكمة لتوزيع المخاطر الجغرافية وزيادة التنقيب المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد في المستقبل، مشيرًا إلى أنه إذا كانت هناك مشكلة متوقعة في يوليو، فإن الدولة بدأت التحرك قبلها بشهرين، مما يعكس نوعًا من التخطيط الجيد.

سفن تغويز إضافية وزيادة الإنتاج.

قال جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، إن لدى مصر عدة بدائل حيث تعمل على ثلاثة مسارات متوازية لتأمين احتياجاتها من الغاز، أولها توقيع اتفاقيات طويلة الأجل مع دول عدة مثل قطر والجزائر وروسيا، وثانيها التوسع في عدد سفن التغويز.

أوضح القليوبي، أن السفينة الثانية وصلت بالفعل إلى مصر، وهناك مفاوضات لاستقدام سفينتين إضافيتين، بالإضافة إلى السفينة الموجودة لدى الأردن في خليج العقبة، والتي يمكن استخدامها عند الحاجة، ليصبح لدينا أسطول من أكثر من أربع سفن، مما يوفر مرونة كبيرة في الاستيراد.

أضاف القليوبي، أن المسار الثالث هو أن وزارة الكهرباء لديها خطة لإدخال عدد من مشروعات الطاقة المتجددة إلى الخدمة خلال أشهر الصيف، مما سيساهم في تقليل الاعتماد على الغاز في توليد الكهرباء.

وأشار القليوبي، إلى أن “قطاع البترول يواصل تنفيذ خطة تطوير عدد من الحقول، منها حقل ظهر، وتسريع عمليات الإنتاج من الاكتشافات التي أُعلن عنها خلال عام 2023، لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.

اختتم القليوبي بأن مصر باتت تمتلك اليوم بدائل متعددة، من خلال اتفاقيات استيراد مرنة وخطط تنمية داخلية، مما يعزز الثقة في قدرتها على تجاوز الأزمة المقبلة دون انقطاع في الإمدادات أو ضغط كبير على السوق المحلي.