تسعى الحكومة المصرية لإصدار صكوك سيادية بالعملة المحلية لأول مرة، وذلك في خطوة تهدف إلى تنويع أدوات التمويل وجذب شريحة جديدة من المستثمرين، وقد تباينت آراء الخبراء الذين تحدثوا لنبأ العرب حول مدى قدرة هذا الصك على جذب مستثمرين.

من نفس التصنيف: مصر ترحب بسفينة تغويز جديدة في محطة تحيا مصر بميناء الإسكندرية البحري
وفقًا لتصريحات وزير المالية المصري أحمد كجوك، تعتزم مصر طرح صكوك سيادية بالعملة المحلية في عام 2025.
أوضح محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية، أن الصكوك والسندات تعد أدوات دين تستخدمها الحكومات والمؤسسات لتمويل احتياجاتها، إلا أن هناك فرقًا جوهريًا بينهما، حيث تربط الصكوك بأصل محدد، فهي تصدر لتمويل مشروع بعينه وترهن بهذا الأصل، على عكس السندات التي تعد دينًا عامًا على الجهة المصدرة دون ارتباط مباشر بأصل.
مواضيع مشابهة: أستاذ تمويل يكشف أن الاستثمار الخاص والتصدير يشكلان 16% فقط من الناتج القومي
وفسر نجلة ذلك قائلًا: “إذا كانت هناك جهة ترغب في تنفيذ مشروع معين وتحتاج إلى تمويل، يمكنها إصدار صكوك مرهونة بهذا المشروع تحديدًا، بينما السندات لا تتطلب ذلك”، مشيرًا إلى أن العائد على الصكوك غالبًا ما يكون أقل من السندات نظرًا لانخفاض مستوى المخاطر، حيث يشعر المستثمر بمزيد من الأمان بسبب ارتباط الدين بأصل ملموس، مما يعزز ثقة المستثمر في استرداد أمواله.
وفيما يتعلق باستخدامات الدول للصكوك والسندات، أكد نجلة أن السندات غالبًا ما تستخدم لسد عجز الموازنة العامة، بينما تستخدم الصكوك لتمويل مشاريع محددة، كما أن الصكوك تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، مما يمنحها طابعًا خاصًا ويجعلها جاذبة لشريحة من المستثمرين الذين يفضلون الاستثمار في أدوات مالية متوافقة مع الشريعة.
أضاف نجلة أن سعي الحكومة لإصدار الصكوك محليًا يهدف إلى استقطاب شريحة جديدة من المستثمرين غير المتواجدين حاليًا في أدوات الدين التقليدية مثل الأذون والسندات، وهم العملاء المهتمون بالاستثمار وفقًا لأحكام الشريعة.
نفى نجلة أن تكون الصكوك حكرًا على المستثمرين العرب، مؤكدًا أن هذه الأداة المالية تحظى باهتمام كبير في الأسواق العالمية، حيث قال: “سوق الصكوك نشط جدًا في الغرب، وتحديدًا في بورصات مثل لندن، حيث يتم تداول صكوك بأحجام ضخمة، وهو ما يعكس جاذبيتها كمصدر تمويلي عالمي”.
يرى محمد البلتاجي، رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، أن طرح صكوك بالعملة المحلية يعد أمرًا إيجابيًا، حيث سبق وأن تم طرح صكوك بالعملة الأجنبية، وأضاف أن إصدار صكوك سيادية بالعملة الأجنبية يتوقع أن يجذب مستثمرين، مما سيؤدي إلى جذب رؤوس أموال إلى داخل السوق المحلي.
اختلف معه أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، حول مدى جاذبية تلك الصكوك للمستثمرين، موضحًا أن إصدار الصكوك بالعملة المحلية لا يبدو منطقيًا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، حيث إن تسويق هذه الصكوك سيتم داخل السوق المحلي فقط نظرًا لعدم وجود طلب خارجي على الجنيه، خاصة وأن مصر تعتمد في استيرادها وتصديرها على الدولار.
تابع خزيم قائلاً: “لا أفهم طبيعة إصدار صكوك بالجنيه في هذا السياق، إذ إن المبرر الوحيد لها قد يكون سد عجز الموازنة، ولكن هذا الإصدار لن يلقى قبولاً خارجيًا، لأنه لا توجد جهة أجنبية تطلب الجنيه المصري”، مؤكدًا أنه إذا كانت هناك نية لإصدار صكوك، فمن الأفضل أن تكون بالعملة الأجنبية، خاصة أن مصر مطالبة بسداد ديون “يوروبوند” خلال شهر يونيو الجاري، وقبل نهاية العام المالي الحالي.