في زحام حي بولاق الدكرور، حيث لا يكترث أحد بأسرار الجدران، وفي شقة صامتة لا يسمع فيها سوى صدى الموت، انبعثت رائحة كريهة كشفت عن جريمة مدفونة تحت السرير، جريمة كانت ضحيتها شاب سوداني يُدعى “أبو بكر”، الذي انتهى به المطاف مكبلًا ومقتولًا على يد من اعتقد أنهم أصدقاؤه، الشك كان سلاحهم، والوحشية كانت وسيلتهم.

مواضيع مشابهة: إسرائيل تكشف أن لبنان كان على علم بوجود المنشأة المستهدفة في ضاحية بيروت
استدرجوه إلى الشقة وقيدوه بالحبال، وانهالوا عليه ضربًا بلا رحمة، سألوا عن هاتف لم يُثبت يومًا أنه سرقه لكنه لم يُجب، أسلم روحه بين أيديهم صامتًا إلى الأبد قبل أن يفروا تاركين جثته تتحلل تحت السرير، وكأنها مجرد شيء ليُقتل الضحية مرتين، مرة بالضرب والثانية بالنسيان.
هذه الجريمة الصامتة هزت حي بولاق الدكرور، حيث كشفتها أنوف الجيران الذين شموا رائحة كريهة مصدرها شقة استأجرها “أبو بكر” حديثًا، فأبلغوا شرطة النجدة التي أخطرت اللواء محمد الشرقاوي مدير مباحث الجيزة.
وصلت الشرطة إلى مسرح الجريمة بعد بلاغ الجيران بسبب الرائحة الخانقة التي بدأت تنتشر، دخلوا الشقة ولم يجدوا أي علامة على اقتحام، لكن تحت السرير كانت الحقيقة المرعبة تنتظرهم.
عثروا على جثة الشاب “أبو بكر” في العشرينات، في حالة تعفن، اليدان والقدمان موثوقتان بالحبال، وآثار كدمات متفرقة على الجسد تشير إلى اعتداء وحشي تعرض له قبل أن يلفظ أنفاسه.
صاحب العقار لم يتعرف عليه، حيث أشار إلى أن الشقة يقيم فيها شاب سوداني استأجرها منذ فترة قريبة، في البداية، بدت الجريمة لغزًا، فلا سرقة، ولا بعثرة، ولا دليل على اقتحام، لكن تحريات العميد محمد الصغير مفتش مباحث فرقة غرب الجيزة، الدقيقة والتحقيقات المكثفة قادت إلى مفاجأة، مرتكبو الجريمة لم يكونوا غرباء بل من بني جلدته.
اقرأ كمان: الصفدي يؤكد أن منع إسرائيل زيارة الوفد العربي للضفة يكشف عن غطرستها
المشتبه به الأول كان مستأجر الشقة، استأجرها منذ فترة، واستعان باثنين من أصدقائه، حيث اتفقوا على أن “أبو بكر” سرق هاتف أحدهم دون دليل أو تأكيد، وقرروا أن يأخذوا العدالة بأيديهم.
استدرجوه إلى الشقة تحت ذريعة واهية، قيدوه وانهالوا عليه بالضرب المبرح في محاولة لانتزاع اعتراف منه، لكنه لم يعترف أو ربما لأنه لم يكن يملك شيئًا ليعترف به.
تحت وطأة الضرب، فارق الضحية الحياة، وفي لحظة رعب دفنوه حيًا تحت سريرهم وهربوا، تاركين إياه يتحلل في صمت، لولا الرائحة التي خانتهم وفضحت فعلتهم البشعة.
فرار الثلاثة لم يطل كثيرًا، رجال المباحث بقيادة المقدم أحمد عصام تتبعوا تحركاتهم وحددوا أماكن اختبائهم حتى ألقي القبض عليهم واحدًا تلو الآخر، وأمام وكيل النائب العام انهارت أكاذيبهم، واعترفوا بالجريمة كاملة.