في ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، تزايدت المخاوف بشأن إمكانية إغلاق مضيق هرمز، الذي يُعتبر الممر البحري الأهم عالميًا في تجارة النفط، حيث يمر عبره نحو 20% من صادرات النفط الخام في العالم، مما أثار تساؤلات حول وجود بدائل للمضيق في حال حدوث ذلك، وهل يمكن لتلك البدائل أن تعوض إغلاقه؟

شوف كمان: نتنياهو يعلن عدم مشاركة رئيس “الشاباك” الجديد في تحقيقات “قطر جيت” بسبب تضارب المصالح
لا بدائل لمضيق هرمز.. وإغلاقه قد يدفع أسعار النفط إلى 250 دولارًا.
أوضح الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول والطاقة “لنبأ العرب”، أنه لا توجد مسارات بديلة لمضيق هرمز في حال تم إغلاقه، حيث يمر من خلاله ما بين 20% إلى 25% من احتياجات العالم من الطاقة، واستبعد أبو العلا أن تقدم إيران على إغلاق المضيق، لأن ذلك سيستفز الغرب والولايات المتحدة، لكن إذا بادرت الولايات المتحدة بالاعتداء على إيران، قد تضطر إيران لإغلاق المضيق، وأشار إلى أن إغلاق مضيق هرمز – إذا حدث واستمر لفترة طويلة – قد يؤدي إلى قفزات غير مسبوقة في أسعار النفط، قد تصل إلى 250 دولارًا للبرميل، وتوقع أن لا تتجاوز مدة الإغلاق شهرًا واحدًا، لأن العالم ببساطة لا يمكنه تحمل هذا الوضع لفترة أطول.
مواضيع مشابهة: أسعار الأسماك في سوق العبور اليوم تشهد انخفاضًا في البلطي
“سوميد” هو البديل الوحيد لمضيق هرمز لكن تأثيره محدود
يرى الدكتور المهندس حسام عرفات، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أنه لا توجد بدائل حقيقية لمضيق هرمز في حال تم إغلاقه، باستثناء خط أنابيب “سوميد” الذي يستخدم لضخ النفط العربي وتوصيله من منطقة الخليج إلى البحر المتوسط عبر الأراضي المصرية، وأوضح عرفات في تصريحات لـ”نبأ العرب”، أن خط سوميد يمثل مسارًا بريًا بديلاً للرحلة البحرية، حيث يضخ النفط القادم من دول الخليج في الأنابيب وصولًا إلى مصر، ثم ينقل عبر موانئ البحر المتوسط، لكنه يظل بديلًا محدود التأثير مقارنة بحجم الإمدادات التي تمر عبر مضيق هرمز، وأضاف أن مضيق هرمز يمر من خلاله ما لا يقل عن 20% من إمدادات المواد البترولية العالمية، خاصة من دول الخليج الكبرى مثل قطر والإمارات والبحرين، وبالتالي فإن توقف هذا الممر يعني اختفاء خمس الإمدادات العالمية تقريبًا، مما سيسبب حالة من الذعر في الأسواق.
واعتبر عرفات أن الأزمة الأكبر التي قد تواجه العالم في حال التصعيد وإغلاق المضيق لن تكون في النفط، بل في الغاز الطبيعي، موضحًا أن الغاز يعد مطلبًا حيويًا لأوروبا والعالم، نظرًا لاعتماده في قطاعات الصناعة والتدفئة والنقل، وتابع أن في حالة النفط هناك بدائل مثل الإنتاج الأمريكي والفنزويلي، لكن في الغاز الطبيعي فإن دول الخليج، وعلى رأسها قطر التي تمتلك أكبر حقل غاز في العالم، تظل اللاعب الرئيسي والمصدر الأهم عالميًا.
رأس الرجاء الصالح بديل ولكن
يرى الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح هو البديل لمضيق هرمز، ولكن أي مسارات بديلة لمضيق هرمز تعتبر خيارات أكثر تكلفة من حيث الشحن والنقل والإمداد، مما ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع عالميًا، وأوضح الإدريسي في تصريحات لـ”نبأ العرب”، أن استخدام الطرق البديلة سيؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في تكاليف النقل، فضلًا عن زيادة زمن الرحلات البحرية، مشيرًا إلى أن مصر ستكون من المتضررين أيضًا بسبب تراجع حركة المرور عبر قناة السويس، وهو ما قد يؤدي إلى تراجعات تاريخية في إيرادات القناة التي تعاني بالفعل من انخفاض في معدلات العبور خلال الفترة الأخيرة، وأضاف “نحن أمام خسارة مزدوجة، فالدولة ستفقد جزءًا من إيرادات القناة، وفي نفس الوقت ستصل إلينا السلع عبر طرق أطول وأكثر تكلفة، وبالتالي سترتفع أسعارها محليًا”، وأكد الإدريسي أن الغلاء المتوقع لا يرتبط فقط بطول المسافات وزمن الشحن، بل أيضًا بتضاعف تكلفة التأمين البحري، والتي ارتفعت خلال الأيام الماضية بأكثر من 300%، وتابع أن الأهمية الاستراتيجية الكبيرة لمضيق هرمز، ليست فقط بسبب موقعه الجغرافي، ولكن أيضًا لأنه يمر عبره جزء كبير من صادرات الدول النفطية الكبرى في المنطقة، مما يجعله يلعب دورًا كبيرًا في أمن الطاقة العالمي.
خطوط أنابيب بديلة.. هل تكفي للتعويض؟
وبحسب تقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، قامت المملكة العربية السعودية بتفعيل خط أنابيب “شرق – غرب”، الذي يمتد لمسافة 1200 كيلومتر ويربط بين حقول النفط في شرق المملكة وساحلها على البحر الأحمر، ويستوعب نقل نحو 5 ملايين برميل من الخام يوميًا، وفقًا لتقرير “BBC”، وفي عام 2019، لجأت السعودية أيضًا إلى إعادة استخدام أحد خطوط الغاز الطبيعي بشكل مؤقت لنقل النفط الخام، أما الإمارات، فأنشأت خط أنابيب يربط حقولها الداخلية بميناء الفجيرة على خليج عُمان، بطاقة نقل تصل إلى 1.5 مليون برميل يوميًا، ما يتيح لها تجاوز مضيق هرمز تمامًا، وفي يوليو 2021، افتتحت إيران خط أنابيب “غوره – جاسك”، لنقل النفط الخام من الداخل الإيراني إلى ميناء جاسك على خليج عُمان، ويُقدر أن طاقته الحالية تصل إلى نحو 350 ألف برميل يوميًا، رغم أن تقارير تشير إلى أن إيران لم تصل بعد لهذا المستوى من التشغيل الكامل، وتشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن إجمالي الطاقة التصديرية عبر هذه الطرق البديلة لا يتجاوز 3.5 مليون برميل يوميًا، وهو ما يعادل نحو 15% فقط من إجمالي النفط الخام الذي يعبر حاليًا عبر مضيق هرمز، مما يجعل تعويض الإغلاق الكامل للمضيق أمرًا بالغ الصعوبة.