تداعيات الهجوم الأمريكي المحتمل على منشأة فوردو الإيرانية وكيف سيؤثر ذلك على المنطقة والعالم
مع تصاعد التوترات بين طهران وواشنطن، أفادت تقارير إعلامية غربية بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفكر في توجيه ضربة عسكرية لمنشأة “فوردو” النووية الإيرانية، باستخدام قنبلة خارقة للتحصينات، وهي الأكبر في الترسانة التقليدية الأمريكية.

مواضيع مشابهة: محافظ جنوب سيناء يتابع خطوات تنفيذ استراتيجية شرم الشيخ الخضراء لتحقيق التنمية المستدامة
وحسب شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية، فإن القنبلة المحتملة لاستهداف المنشأة النووية الإيرانية هي “جي بي يو 57” التي تزن 13.5 طنا، وقد صممت لاختراق المنشآت شديدة التحصين تحت الأرض مثل “فوردو”، فما هي العواقب المحتملة لاستخدام هذه القنبلة؟
يعتقد خبراء في الدفاع والطاقة النووية أن استخدام القنبلة “جي بي يو 57” قد يؤدي إلى وقوع ضحايا بين العاملين داخل المنشأة النووية الإيرانية، لكن من غير المرجح أن ينتج عن ذلك انفجار نووي أو تسرب إشعاعي واسع النطاق.
وفي هذا السياق، يشير القائد السابق في وحدة الدفاع الكيميائي والنووي بالجيش البريطاني هاميش دي بريتون جوردون، إلى أن منشأة “فوردو” الإيرانية لا تحتوي على مفاعلات أو رؤوس نووية، بل أجهزة طرد مركزي تستخدم لتخصيب اليورانيوم، وبالتالي فإن التفجير الناتج عن الهجوم الأمريكي المحتمل لن يطلق طاقة نووية، وفق تصريحات لشبكة “إن بي سي نيوز”.
وتُعتبر منشأة “فوردو” الواقعة جنوب العاصمة الإيرانية طهران واحدة من أكثر المواقع تحصينًا في البلاد، حيث تم تشييدها تحت جبل ضخم، وتفيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن مستويات التخصيب في المنشأة الإيرانية بلغت نحو 60%، وهي نسبة تفوق الحد المسموح به للاستخدامات المدنية الذي يتراوح بين 3.5 إلى 5%، بينما يتطلب تصنيع سلاح نووي نسبة تصل إلى 90%.
وعلى الرغم من عدم تمكن المراقبين الدوليين من العثور على دليل يؤكد نية طهران تصنيع سلاح نووي، تصر حكومة الاحتلال الإسرائيلي على مزاعمها بأن إيران أصبحت قريبة من ذلك، وهو ما اتخذته حكومة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ذريعة لشن هجوم “الأسد الصاعد” يوم الجمعة 13 يونيو الجاري، ضد مواقع إيرانية بما في ذلك منشآت نووية.
لكن، ورغم الهجمات الإسرائيلية المستمرة، يبقى هدف تدمير حصن “فوردو” صعبًا على إسرائيل دون دعم أمريكي، إذ لا يمتلك جيش الاحتلال الإسرائيلي قذائف مثل “جي بي يو 57” أو المنصات الجوية اللازمة لحملها مثل القاذفات الشبحية الأمريكية “بي 2 سبيريت” التي يتمركز عدد منها في قاعدة “دييجو جارسيا” في المحيط الهندي.
ويركّز جيش الاحتلال الإسرائيلي على “فوردو” بشكل خاص، إذ يُعتبرها مراقبون رمزًا لقدرة إيران النووية المتقدمة، مما يجعلها هدفًا رئيسيًا لأي هجوم عسكري إسرائيلي أمريكي محتمل.
فوردو.. مخاطر التلوث الإشعاعي!
مع تصاعد التهديدات الأمريكية بقصف منشأة “فوردو” الإيرانية، تزداد المخاوف الدولية من أن أي هجوم محتمل يستهدفها قد يؤدي إلى تلوث أو تسرب إشعاعي نووي، لكن مدير مؤسسة “راديانت إنرجي (الطاقة المشعة)” مارك نيلسون، يؤكد أن المواد النووية داخل المنشأة تعتبر منخفضة الإشعاع نسبيًا، مما يجعل احتمالات حدوث كارثة بيئية أمرًا ضعيفًا.
مقال مقترح: مواطنون يرشقون بالطوب ويصيبون مدير حماية الأراضي في سوهاج خلال حملة إزالة
ومع ذلك، يحذّر نيلسون من أن تحلل غاز اليورانيوم عند تفجيره وتحوله إلى حمض “الهيدروفلوريك”، وهي مادة سامة قد تسبب حروقًا شديدة أو أزمات تنفسية وقلبية مميتة إذا تم استنشاقها أو لمست دون وقاية.
إلى جانب ذلك، يشير نيلسون إلى أن احتمال تسرب إشعاع نووي للمياه الجوفية في الموقع يظل ضعيفًا، بيد أن مستوى الإشعاع في هذه الحالة سيكون قابلًا للرصد وليس مسببًا لأضرار مباشرة.
“تابوت خرساني”
يوضح القائد السابق في وحدة الدفاع الكيميائي والنووي بالجيش البريطاني، أن قصف “فوردو” بقنبلة “جي بي يو 57″ الأمريكية قد يؤدي إلى دفنها بالكامل تحت أنقاض الجبل، مشبّهًا تأثير ذلك بـ”التابوت الخرساني” الذي شُيّد فوق مفاعل تشيرنوبيل عقب كارثة عام 1986، لكن بسمك أكبر قد يصل إلى 60 مترا.
في الوقت نفسه، يرى المتخصصون وفق “إن بي سي”، أن التهديد الأكبر في سيناريو قصف المنشأة النووية الإيرانية يكمن في القنبلة الأمريكية نفسها، إذ إن قوتها التدميرية الهائلة قد تؤدي إلى مقتل مئات الأشخاص ما لم تُستخدم بدقة مطلقة، ويقول مدير مؤسسة “راديانت إنرجي” إن الاقتراب من موقع (فوردو) بعد التفجير المحتمل دون ارتداء معدات واقية سيكون مميتًا، لكن على الرغم من ذلك يبقى الخطر محليًا وليس إقليميًا.
بينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة الأمريكية اتخذت قرارًا نهائيًا بشأن تنفيذ الهجوم على منشأة “فوردو” النووية الإيرانية أم لا، يبقى السؤال حول ما إذا كان استهدافها سيفتح بابًا لصراع أوسع في منطقة الشرق الأوسط.
ومع ذلك، أكد المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي أيه” ليون بانيتا أن الولايات المتحدة ستتورط بلا شك في حرب إقليمية في حال هاجمت إيران، وحذّر بانيتا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن إيران سترد بكل تأكيد على أي هجوم يستهدفها، مما يعني انخراط أمريكا في حرب مباشرة معها.