اكتشف نتائج “مطرقة نصف الليل” وما تكشفه الضربات الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية

(بي بي سي).

اكتشف نتائج “مطرقة نصف الليل” وما تكشفه الضربات الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية
اكتشف نتائج “مطرقة نصف الليل” وما تكشفه الضربات الأمريكية على المواقع النووية الإيرانية

أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة قامت بهجوم “ناجح” استهدف ثلاثة مواقع نووية في إيران، حيث تم “تدميرها تماماً”.

وفي بيان للبنتاغون، تم التأكيد على أن تقييم آثار الهجوم بالكامل سيستغرق بعض الوقت، على الرغم من أن جميع المواقع تعرضت لـ “أضرار بالغة للغاية”.

وأوضحت إسرائيل أنها كانت في “تنسيق كامل” مع الولايات المتحدة خلال التخطيط لهذه الضربات، بينما أكد المسؤولون الإيرانيون استهداف المنشآت، لكنهم نفوا تعرضها لأضرار كبيرة.

تمثل هذه الضربات تصعيداً كبيراً في الصراع القائم بين إيران وإسرائيل، وإليكم ما نعرفه.

ما الذي قصفته الولايات المتحدة.. وما الأسلحة التي استخدمتها؟

صرّح الجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، بأن عملية “مطرقة منتصف الليل” تضمنت 125 طائرة عسكرية أمريكية، بما في ذلك سبع قاذفات شبح من طراز بي-2.

وأوضحت الولايات المتحدة أن المواقع النووية المستهدفة هي فوردو ونطنز وأصفهان.

وخلال إحاطة في البنتاغون، ذكر كين أن القاذفات انطلقت من الولايات المتحدة في رحلة استغرقت 18 ساعة، حيث اتجه بعضها غرباً نحو المحيط الهادئ “لأغراض الخداع”، بينما توغلت فرقة الضربات الرئيسية المكونة من سبع قاذفات بي-2 في الأجواء الإيرانية.

وأضاف أنه قبل دخول الطائرات المجال الجوي الإيراني مباشرة، أُطلق أكثر من عشرين صاروخ توماهوك كروز من غواصة أمريكية على أهداف في موقع أصفهان.

وذكر كين أنه عند دخول القاذفات المجال الجوي الإيراني، استخدمت الولايات المتحدة “عدة أساليب خداع، بما في ذلك طُعم”، حيث عملت الطائرات المقاتلة على إخلاء المجال الجوي أمامها، للتحقق من وجود أي تهديدات معادية، ثم أسقطت القاذفة بي-2 الرئيسية قنبلتين من طراز GBU-57 الخارقة للتحصينات على الموقع النووي في فوردو.

وأعلن كين عن إسقاط 14 قنبلة خارقة للتحصينات على منطقتين مستهدفتين، وأوضح أن الأهداف الثلاثة للبنية التحتية النووية الإيرانية تعرضت للقصف بين الساعة 18:40 إلى الساعة 19:05 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، ثم غادرت القاذفات المجال الجوي الإيراني وعادت إلى الولايات المتحدة

وأكد كين أن “المقاتلات الإيرانية لم تُحلّق، ويبدو أن أنظمة الصواريخ أرض-جو الإيرانية لم ترَنا”.

وفي الإحاطة نفسها، أوضح وزير الدفاع بيت هيغسيث أن العملية لم تستهدف القوات الإيرانية أو الشعب الإيراني، مضيفاً أن المهمة “لم تكن تهدف أبداً إلى تغيير النظام”.

وأعرب وزير الدفاع عن تقديره “لحلفائنا في إسرائيل” للدعم الذي قدموه، مشيراً إلى أن العمليات استغرقت شهوراً من التخطيط.

يقع موقع فوردو النووي في منطقة جبلية نائية، ويحتوي على منشأة لتخصيب اليورانيوم، وهو أمر حيوي لطموحات إيران النووية، ويُعتقد أنه أعمق تحت الأرض من نفق القناة الواصل بين بريطانيا وفرنسا.

نظراً لعمق منشأة فوردو تحت الأرض، فإن الولايات المتحدة وحدها تمتلك قنبلة “خارقة للتحصينات” كبيرة بما يكفي لاختراق الموقع، حيث يبلغ وزنها نحو 13,000 كيلوغرام، ويمكنها اختراق نحو 18 متراً من الخرسانة أو 61 متراً من الأرض قبل أن تنفجر، وفقاً للخبراء.

وبسبب عمق أنفاق فوردو، فإن نجاح قنبلة خارقة للتحصينات غير مضمون، لكنها القنبلة الوحيدة التي يمكن أن تقترب من ذلك.

أكد كين أن القاذفات السبع من طراز “بي-2 سبيريت” استخدمت 14 قنبلة خارقة للتحصينات (MOP)، ضمن “75 سلاحاً موجهاً بدقة” في الضربات التي نُفذت ضد إيران.

ما هو المعروف عن تأثير الهجمات؟

صرّح الجنرال كين بأن الأمر سيستغرق بعض الوقت لتقييم مدى الضرر الناجم عن الهجوم الأمريكي بشكل كامل، لكنه أشار إلى أن “التقييم الأولي لأضرار المعركة يشير إلى أن المواقع الثلاثة لحقت بها أضرار ودمار شديد للغاية”.

تُظهر صور حديثة التُقطت عبر الأقمار الصناعية في 22 يونيو/حزيران ست حفر جديدة في موقع فوردو النووي، يُرجح أنها كانت نقاط دخول الذخائر الأمريكية، بالإضافة إلى غبار رمادي وحطام متناثر على سفح الجبل.

ماذا نعرف عن الضربات الأمريكية على المنشآت الإيرانية؟

بعد تأكيد الولايات المتحدة استخدام قنابل GBU-57 في الهجوم، صرّح ستو راي، كبير محللي الصور في شركة ماكنزي للاستخبارات، لوحدة تقصي الحقائق في بي بي سي: “لن تلاحظوا تأثير انفجار هائل عند نقطة الدخول، لأنها ليست مصممة للانفجار عند الدخول، بل في عمق المنشأة”

وأضاف أنه يبدو أن ثلاث ذخائر منفصلة أُلقيت على نقطتي اصطدام منفصلتين، وأن اللون الرمادي على الأرض يُظهر حطاماً خرسانياً تناثر بفعل الانفجارات.

كما أشار راي إلى أن مداخل النفق يبدو أنها سُدّت، نظراً لعدم وجود حفر مرئية أو نقاط اصطدام بالقرب منها، مما يشير إلى أن هذه ربما كانت محاولة إيرانية “للتخفيف من حدة الاستهداف المتعمد للمداخل بالقصف الجوي”.

ووصفت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قصف المواقع النووية الثلاثة بأنه “انتهاك سافر” للقانون الدولي، وأكدت كل من المملكة العربية السعودية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، عدم وجود أي زيادة في مستويات الإشعاع بعد الهجوم.

وصرّح نائب المدير السياسي لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، حسن عابديني، بأن إيران أخلت هذه المواقع النووية الثلاثة “منذ فترة”، وفي ظهور له على التلفزيون الرسمي، قال إن إيران “لم تتلقَّ ضربةً كبيرةً لأن المواد كانت قد أُزيلت بالفعل”.

كيف ستردّ إيران؟

في غضون ساعات من القصف الأمريكي، أطلقت إيران وابلاً جديداً من الصواريخ، أصاب أجزاءً من تل أبيب وحيفا، وأفاد مسؤولون بإصابة ما لا يقل عن 86 شخصاً.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأحد، إن الولايات المتحدة “يجب أن تتلقى رداً على عدوانها”.

وأوضح في بيان: “لطالما أكدنا استعدادنا للانخراط والتفاوض في إطار القانون الدولي، ولكن بدلاً من قبول المنطق، طالب الطرف الآخر باستسلام الأمة الإيرانية”

يقول فرانك غاردنر، مراسل بي بي سي للشؤون الأمنية، إن أمام إيران الآن ثلاثة خيارات استراتيجية رداً على الهجوم الأمريكي:

عدم القيام بأي شيء، مما قد يجنّبها المزيد من الهجمات الأمريكية، وقد تختار إيران أيضاً المسار الدبلوماسي وتنضم مجدداً إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة، لكن التقاعس قد يجعل النظام الإيراني يبدو ضعيفاً، خاصة بعد كل تحذيراته من عواقب وخيمة في حال شنت الولايات المتحدة هجوماً، وقد يرى النظام الحاكم أن خطر إضعاف قبضته على شعبه يفوق تكلفة أي هجمات أمريكية أخرى.

الرد بقوة وسرعة، حيث لا تزال إيران تمتلك ترسانة ضخمة من الصواريخ الباليستية بعد تصنيعها وإخفائها لسنوات، ولديها قائمة أهداف تضم نحو 20 قاعدة أمريكية للاختيار من بينها في الشرق الأوسط الكبير، كما يمكنها شن هجمات على السفن الحربية التابعة للبحرية الأمريكية، باستخدام أسراب من الطائرات بدون طيار وزوارق طوربيد سريعة.

أو الرد لاحقاً في الوقت الذي تختاره، مما يعني الانتظار حتى يهدأ التوتر الحالي، وشن هجوم مفاجئ عندما لا تكون القواعد الأمريكية في حالة تأهب قصوى.

ماذا قال دونالد ترامب وكيف كان رد فعل السياسيين الأمريكيين؟

في منشور على منصته “تروث سوشيال” الساعة 19:50 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، أكد ترامب الضربات على فوردو ونطنز وأصفهان

بعد ساعتين تقريباً، وبرفقة نائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع هيغسيث، ألقى ترامب خطاباً متلفزاً.

وقال إن الهجمات المستقبلية ستكون “أشد وطأة”، ما لم تتوصل إيران إلى حل دبلوماسي.

وأضاف: “تذكروا، لا يزال هناك العديد من الأهداف”

دونالد ترامب

أصدر العديد من زملاء ترامب الجمهوريين بيانات مؤيدة لهذه الخطوة، بما في ذلك السيناتور عن ولاية تكساس، تيد كروز، الذي “أشاد” بالرئيس، بينما وصف السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل، الذي وجه في السابق انتقادات لترامب، هذه الخطوة بأنها “رد حكيم على دعاة الحرب في طهران”.

لكن لم يكن كل الجمهوريين داعمين لهذه الخطوة، إذ قالت مارجوري تايلور غرين، عضوة الكونغرس عن ولاية جورجيا، وهي من أشد مؤيدي ترامب، “هذه ليست معركتنا”.

ووصف عضو الكونغرس الجمهوري، توماس ماسي، الذي قدّم في وقت سابق من هذا الأسبوع مشروع قانون يمنع ترامب من مهاجمة إيران دون موافقة المشرعين، الضربات بأنها “غير دستورية”، في المقابل وصف ترامب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، ماسي بأنه “خاسر مثير للشفقة”.

وتمنح المادة الأولى من دستور الولايات المتحدة سلطة إعلان الحرب للكونغرس، أي للمشرعين المنتخبين في مجلسي النواب والشيوخ، لكن المادة الثانية تنص على أن الرئيس هو القائد الأعلى، وتمنحه سلطة إصدار أمر باستخدام القوة العسكرية للدفاع عن الولايات المتحدة ضد الهجمات الفعلية أو المتوقعة.

وقال حكيم جيفريز، الديمقراطي الأمريكي البارز، إن ترامب يُخاطر بتوريط الولايات المتحدة “في حرب كارثية محتملة في الشرق الأوسط”، بينما اتهمه آخرون بتجاوز الكونغرس لشن حرب جديدة.

كيف كان رد فعل قادة العالم؟

دعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إيران إلى تجنب أي إجراء من شأنه أن يزيد من “زعزعة استقرار” الشرق الأوسط.

وفي بيان مشترك، أكد رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس أن إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحاً نووياً أبداً، وأعربوا عن دعمهم لأمن إسرائيل.

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الضربات الجوية الأمريكية بأنها تصعيد خطير، بينما حثت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، جميع الأطراف على التراجع والعودة إلى طاولة المفاوضات.

وأعربت المملكة العربية السعودية عن “قلقها البالغ”، بينما أدانت سلطنة عُمان الضربات ودعت إلى خفض التصعيد.

وصرّح رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، بأنه تحدّث إلى الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، ودعا إلى “الحوار والدبلوماسية كسبيل للمضي قدماً”.

وقال السياسي الروسي ديميتري ميدفيديف، حليف الرئيس فلاديمير بوتين: “ترامب، الذي جاء رئيساً كصانع سلام، بدأ حرباً جديدة للولايات المتحدة”

“مع هذا النوع من النجاح، لن يفوز ترامب بجائزة نوبل للسلام”، يضيف.

كيف بدأ الصراع الأخير؟

شنت إسرائيل هجوماً مفاجئاً على عشرات الأهداف النووية والعسكرية الإيرانية في 13 يونيو/حزيران، حيث أكدت أن هدفها هو تفكيك برنامج طهران النووي، الذي ذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه سيمكّنها قريباً من إنتاج قنبلة نووية.

تصرّ إيران على أن طموحاتها النووية سلمية، ورداً على ذلك، أطلقت طهران مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، واستمرت الدولتان في تبادل الضربات منذ ذلك الحين، في حرب جوية استمرت لأكثر من أسبوع.

لطالما صرّح ترامب بأنه يعارض امتلاك إيران لسلاح نووي، ويُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلكه، رغم أنها لا تؤكد ذلك ولا تنفيه.

في مارس/آذار، صرّحت تولسي غابارد، مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية، بأنه على الرغم من زيادة إيران لمخزونها من اليورانيوم إلى مستويات غير مسبوقة، إلا أنها لا تُصنّع سلاحاً نووياً – وهو تقييم وصفه ترامب مؤخراً بـ”الخاطئ”.

وخلال حملته الانتخابية، انتقد ترامب الإدارات الأمريكية السابقة لانخراطها في “حروب غبية لا نهاية لها” في الشرق الأوسط، وتعهد بإبعاد الولايات المتحدة عن الصراعات الخارجية.

وكانت الولايات المتحدة وإيران تجريان محادثات نووية، وقت الهجوم الإسرائيلي المفاجئ، وقبل يومين فقط من الهجوم الأمريكي، صرّح ترامب بأنه سيمنح إيران أسبوعين للدخول في مفاوضات جادة قبل توجيه ضربة عسكرية، لكن تبيّن أن هذه المهلة أقصر بكثير.