الإسماعيلية – أميرة يوسف:

شوف كمان: أبو الغيط يرحب بالدعوة الدولية لوقف فوري للحرب في غزة
في أحد شوارع الإسماعيلية القديمة، يأسرك عبق الخبز الساخن ليقودك إلى فرن صغير، حيث يقف رجل ستيني مبتسم، يديه مغطاتين بالدقيق، إنه عم “محمد لطفي”، صانع العيش الفينو الذي ارتبط اسمه بفطور آلاف الأسر في المدينة، منذ ٤٥ عامًا، بدأ “محمد” رحلته مع العجين، ورث هذه المهنة عن والده، “الحاج لطفي”، الذي كان أحد أقدم خبازي المنطقة.
يقول عم محمد: “أنا كبرت وسط ريحة الدقيق والفرن، اتعلمت من أبويا كل حاجة، من أول العجن لحد ما أطلع الرغيف من قلب النار” وعلى الرغم من أن أرباح المخبز لم تعد مثل السابق، إلا أن عم محمد لا يفكر يومًا في ترك مهنته، ويضيف: “العيشة غليت، والدقيق أغلى، والشغل بقى أصعب.. بس عمري ما فكرت أقفل الفرن، لأن الزباين اللي بييجوا لسه بيقولولي: هو ده عيش عم لطفي.”
هذا النداء يكفي ليشعر بأن اسم والده ما زال حيًّا في وجدان الناس، فهو لا يصنع فقط خبزًا، بل يخلق ذكريات، ويُبقي على أثر رجل علّمه كيف تكون العجينة أمانة، والرغيف شهادة، يبدأ عم محمد يومه من الرابعة فجرًا، ويستقبل زبائنه الذين يعرفهم بالاسم، ويحرص على أن يبقى الرغيف بطعمه المعتاد، رغم الظروف والتغيرات.
من نفس التصنيف: تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران وسط تصاعد التوترات الإقليمية
يقول: “بشتغل بكل حب، عشان اللي بياكل من العيش يحس إن فيه بركة.. وأبويا، الله يرحمه، دايمًا علمني إن العيش اللي يطلع من الفرن لازم يكون برضا ربنا.” ما بين نيران الفرن وحنين الذكريات، يصنع عم محمد يومه، ويحافظ على مهنة ربما لم تعد مربحة، لكنها غالية عليه، لأنها تحمل اسم والده، وتُطعم قلوب الناس قبل بطونهم.