بعد انتهاء الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، والتي تمّت بوساطة أمريكية قادها الرئيس دونالد ترامب، تتوجه الأنظار مجددًا نحو غزة، حيث تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في إلحاق الأذى بالفلسطينيين منذ ما يقارب العامين، مع تزايد الدمار والمعاناة الإنسانية.

مقال له علاقة: متحدث الوزراء يؤكد أهمية تشكيل اللجنة العليا للأزمات كخطوة استباقية لمواجهة التحديات الإقليمية
إن انتهاء التصعيد مع إيران قد يفتح آفاقًا جديدة للتهدئة في غزة، خاصة مع تزايد المؤشرات السياسية التي تدل على رغبة واشنطن في معالجة هذا الملف أيضًا، وفي هذا السياق، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا بأنه يعتقد أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة قد يكون ممكنًا خلال الأسبوع المقبل، مؤكدًا أنه كان على تواصل مباشر مع الأطراف المعنية في هذا الشأن.
وخلال فعالية في البيت الأبيض للاحتفال باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، قال ترامب إن وقف إطلاق النار في غزة “بات وشيكًا”، مشيرًا إلى الجهود المستمرة لإقناع كل من إسرائيل وحركة “حماس” بالتوصل إلى تهدئة شاملة.
معروف ترامب ضغط على نتنياهو
وفي سياق متصل، سلط تقرير لصحيفة هآرتس العبرية الضوء على الدور المحوري الذي لعبه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقف التصعيد بين إسرائيل وإيران، مشيرة إلى أن هذا “الجميل” الأمريكي قد يُترجم إلى ضغط مباشر على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى صفقة مع حركة حماس.
ووفقًا للصحيفة، فإن ترامب لعب دور “الوسيط والمحكِّم والسلطة النهائية” في التوصل إلى تفاهم غير معلن لوقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، دون أي اتفاق رسمي، بل عبر تغريدات علنية استخدمها كأداة ضغط على الطرفين.
مفاوضات مرتقبة بمشاركة قطر
بينما تشير الصحيفة إلى أن وقف إطلاق النار تم ضمن ما وصفته بـ”اتفاق أحادي منسق”، فإن المحادثات الجديدة حول اتفاق نووي دائم بين واشنطن وطهران قد تنطلق قريبًا، بمشاركة قطر كمفاوض رئيسي جديد.
وترى هآرتس أن إيران خرجت من التصعيد الأخير متضررة استراتيجيًا، حيث تعطّل برنامجها النووي بشكل كبير، لكنها في المقابل قد تحقق مكاسب اقتصادية وسياسية تشمل تخفيف العقوبات وعودة النشاط التجاري.
اقرأ كمان: مجدي الجلاد يؤكد أن المستشار حنفي جبالي هو الخيار الأمثل لرئاسة البرلمان المقبل
ورغم ذلك، تبقى مسألة الصواريخ الباليستية عائقًا معقدًا، إذ ترفض طهران ربط ترسانتها الصاروخية بالملف النووي، فيما ترى إسرائيل أن هذه الصواريخ تُشكل تهديدًا مباشرًا، وربما أكبر من النووي نفسه، خاصة بعد أن أثبتت التجارب الأخيرة فاعليتها العالية وسهولة تطويرها.
غزة على الطاولة.. وضغط أمريكي محتمل
في ظل انتهاء الحرب مع إيران، توقعت الصحيفة العبرية أن تتجه الأنظار الآن نحو غزة، حيث تُكثّف الولايات المتحدة ودول الخليج ضغوطها من أجل إنهاء الحرب والتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى.
ونقلت هآرتس عن دبلوماسي خليجي قوله إن الرسائل الأميركية باتت أكثر وضوحًا: “يجب إنهاء هذا الأمر، والتوقف عن تبادل الأوراق”، في إشارة إلى المماطلة السياسية، وتُعيد هذه التصريحات إلى الواجهة المبادرة التي سبق أن ناقشتها قطر وواشنطن بشأن اتفاق دائم يُفرض على الجانبين في غزة.
وتشير الصحيفة إلى أن نتنياهو يدرك جيدًا أن الأولوية الإقليمية الآن، بعد إنهاء التصعيد مع إيران، هي إنهاء الحرب في غزة.
انتخابات مبكرة ومجال جديد للمناورة
من جهة أخرى، نقلت الصحيفة عن القناة 12 الإسرائيلية أن نتنياهو قد يستعد للتوجه نحو انتخابات مبكرة، رغم غياب المسار القانوني الواضح لذلك، ووفق استطلاعات الرأي، بدأ نتنياهو باستعادة شعبيته، خصوصًا على حساب شخصيات من أقصى اليمين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين تراجعت شعبيتهما بسبب فشل مشروع “الحفاظ على يمينية نتنياهو” خلال الحرب.
وترى الصحيفة أن هذه التحولات تمنح نتنياهو مساحة سياسية أوسع للمناورة، ما قد يمكّنه من إنهاء الحرب في غزة وفق صفقة شاملة أو التوجه إلى صناديق الاقتراع وهو في موقع قوة، بعدما روّج لانتصاراته على إيران وخصومه الداخليين.