محافظات – نبأ العرب:
في صباح الجمعة، كانت حبيبة الجيوشي و21 فتاة أخرى من قرية كفر السنابسة بالمنوفية ينتظرن سيارة الأجرة التي ستقلهن إلى إحدى مزارع العنب المخصصة للتصدير، مقابل أجر يومي قدره 180 جنيهًا لكل فتاة، وفي هذه الأثناء، كانت بعض الفتيات توجهن إلى المخبز الموجود أمام مكان التجمع لشراء بعض المخبوزات الخفيفة، دون أن يعلمن أن القدر يخفي لهن مأساة ستحصد 19 روحًا

ممكن يعجبك: أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور ترتفع مع زيادة أسعار البطاطس في 28 مايو 2025
شهادة حبيبة الناجية
وصلت سيارة الأجرة التي كان يقودها الشاب أدهم محمد، وتوقفت على جانب الطريق، وتوجهت الفتيات نحو السيارة للركوب، ونظراً لكثرة عددهن، “كان كل كرسي عليه 5 فتيات، أربعة قاعدين والخامسة على رجل إحداهن”، بينما “الكرسي الذي بجانب السائق كان يجلس عليه 3 بنات”.
انطلقت السيارة، وما إن غادرت قرية شامة واتجهت نحو الطريق الإقليمي، حتى تفاجأت الفتيات بسيارة “تريلا” اصطدمت بسيارتهن، ما تسبب في مصرع 19 شخصًا، بينهم 18 فتاة وسائق الميكروباص، وإصابة 3 آخرين، إحداهن حبيبة الجيوشي، بينما الاثنتان الأخريان حالتهما خطيرة.
توزعت جثامين الضحايا على مستشفيات المحافظة، وشملت القائمة: ميادة محي فتحي، هنا علام، مروة أشرف، آية زغلول، شيماء خليل، السائق أدهم محمد، شروق خالد، جنى يحيى، تقى محمد أحمد، هدير عبدالباسط، شيماء محمود محمد، أسماء خالد، شيماء رمضان، سمر خالد، ملك خليل، إسراء عبدالخالق، رويدا خالد، سارة محمد، ضحى همام
عادت حبيبة إلى منزلها بعد أن تماثلت للشفاء، وما زالت تحت تأثير الصدمة، استعادت بصعوبة مشاهد الحادث الذي أودى بحياة 18 فتاة من زميلاتها، بينهن عدد من بنات عماتها.
بصوت يرتجف وعينين تحملان صدمة الفاجعة، روت “حبيبة” تفاصيل الساعات التي سبقت الكارثة ولحظات الرعب: “مش فاكرة… فوقت بعد الحادثة لقيت نفسي مرمية على الأسفلت”
حاولت تجميع خيوط الذاكرة المتناثرة: “كان الوقت صباح الجمعة، حوالي الساعة الثامنة، عندما كانت الفتيات في طريقهن إلى العمل في مزارع العنب المخصصة للتصدير”
تضيف حبيبة، واصفة حجم الرعب: “مش فاكرة عملنا الحادثة إزاي، بس سمعت صوت الناس تصرخ جنبي”، وتتذكر لحظة نقلها هي وابنة عمتها آيات إلى أقرب مستشفى في أشمون بواسطة سيارة الإسعاف، وتؤكد بحسرة: “آيات وسمر وأسماء وآية، بنات عمتي كلهن ماتوا، وفاضل آيات ربنا يشفيها في العناية المركزة”
جسد “حبيبة” ما زال يؤلمها، لكن الألم الأكبر كامن في فقدان أحبائها، عن ظروف رحلة العمل اليومية قالت: “الفتيات كن يعملن في جني العنب المعد للتصدير، وهي رحلة يقومن بها يوميًا لتدبير قوت يومهن ومساعدة أسرهن”
ووصفت الكثافة الشديدة داخل السيارة التي كانت تقل الضحايا قائلة: “داخل الميكروباص كان كل كرسي عليه خمس بنات، أربعة قاعدين والخامسة على رجل إحداهن، والكرسي اللي جنب السواق كان قاعد فيه 3 بنات، وكل يوم بنركب 22 أو 23 واحدة في العربية”، مشيرة إلى الحمولة الزائدة التي كانت تقل الفتيات بشكل روتيني
وأشارت حبيبة إلى أن بعض الفتيات اللاتي لقين مصرعهن كن قد تعرضن لحوادث سابقة على نفس الطريق الخطير، مضيفة بحسرة: “الطريق ده وحش”
مطالبات بمحاسبة وتطوير الطريق
حمل النائب كريم طلعت السادات، عضو مجلس النواب، الطريق المسؤولية، وتقدم ببيان عاجل موجه إلى رئيس الوزراء ووزير النقل، بشأن الإهمال المزمن في الطريق الإقليمي الرابط بين السادات وأشمون.
وتساءل السادات: “إلى متى تظل الحكومة صامتة أمام طريق يحصد الأرواح بشكل شبه دوري؟”، وطالب بتشكيل لجنة هندسية لتقييم الطريق، واتخاذ قرارات جريئة بإعادة تأهيله وتركيب المطبات والرادارات والإشارات التحذيرية، مشدداً على أن الطريق يفتقد لأبسط معايير السلامة المرورية، فهو خالي من الإنارة والحفر والتشققات والرقابة
بدورها، انتقدت الإعلامية لميس الحديدي ما وصفته بـ”غياب الحكومة” وصمتها، مطالبة بمحاسبة فورية للمسؤولين لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث، مؤكدة أن “دم الغلابة مش هيروح هدر”، وتساءلت: “مين المسؤول؟ هنحاسب مين؟ هل فيه حد هيتحاسب ولا هتعدي بس سواق ومخدرات؟”
مقال مقترح: فرنسا تعلن حالة التأهب البرتقالي لمواجهة موجة حر شديدة قادمة
كما انتقد الإعلامي عمرو أديب الصمت الرسمي، مؤكدًا أن الكارثة تتطلب محاسبة عادلة، موجهًا حديثه لرئيس الوزراء: “لما نحب نكلم جهة عن طريق المنوفية نكلم مين؟”، وناشد رئيس الوزراء بـ”الطبطبة” على أهالي الضحايا، مستنكراً عدم تقديم العزاء، مشدداً على أن “البلد دي لا ناقصة مهندسين أو مواد بناء أو شركات وتقدر تعمل حاجات عظيمة، ولكن لا تتركونا نهبًا للشك”
وزير النقل يقطع زيارته
من جانبه، كشف الإعلامي أحمد موسى أن الفريق كامل الوزير، وزير النقل، قرر قطع زيارته الرسمية إلى تركيا والعودة إلى القاهرة فجر اليوم، لمتابعة الموقف عن قرب وبدء جولة ميدانية لتفقد الطريق الدائري الإقليمي، وأشار موسى إلى أن الوزير يعتزم إطلاق خطة مكثفة لتأهيل مناطق عبور المواطنين والسائقين.
في سياق متصل، وجهت وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة مايا مرسي، ووزير العمل محمد جبران، بزيادة التعويضات لتبلغ 500 ألف جنيه لأسرة كل ضحية من ضحايا الحادث، و70 ألف جنيه لكل حالة إصابة، وذلك تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيادة التعويضات بمبلغ 100 ألف جنيه لكل وفاة و25 ألف جنيه لكل إصابة فوق المبالغ المقررة.
سائق “التريلا” تعاطى مخدرات
بدورها، انتقل فريق من أعضاء النيابة إلى موقع الحادث لمناظرة الجثامين وسؤال ذويهم وشهود العيان، كشفت المعاينة الأولية وتحريات الشرطة أن قائد سيارة النقل (تريلا) قد تجاوز الحاجز الفاصل بين الاتجاهين، مما أدى إلى اصطدامه بسيارة الميكروباص.
وكشفت النيابة فى بيان لها، عن ضبط قائد السيارة المتسبب في الحادث، وأمرت بحبسه احتياطيًا على ذمة التحقيقات، مشيرا إلى أن نتيجة التحليل المعملي للعينة المسحوبة منه عن ثبوت تعاطيه موادًا مخدرة وقت ارتكاب الواقعة.