قصة لاعب كرة القدم الذي قُتل بسبب هدفه في كأس العالم وكيف أثرت هذه الحادثة على اللعبة

(بي بي سي).

قصة لاعب كرة القدم الذي قُتل بسبب هدفه في كأس العالم وكيف أثرت هذه الحادثة على اللعبة
قصة لاعب كرة القدم الذي قُتل بسبب هدفه في كأس العالم وكيف أثرت هذه الحادثة على اللعبة

في الثاني من يوليو/ تموز عام 1994، شهد عالم كرة القدم مأساة تعتبر من أكبر المآسي في تاريخ اللعبة، حيث أُطلق النار على لاعب المنتخب الكولومبي أندريس إسكوبار بعد أن سجل هدفًا في مرمى فريقه، مما أدى إلى خروج بلاده من نهائيات كأس العالم في ذلك العام.

يعتبر مقتل اللاعب الكولومبي من الأحداث الأكثر صدمة في تاريخ الرياضة والجريمة في البلاد.

قبل 31 عامًا، قُتل نجم الدفاع في منتخب كولومبيا، وهو في السابعة والعشرين من عمره، رمياً بالرصاص أمام ملهى ليلي في كولومبيا بعد عودة فريقه من الولايات المتحدة بعد الإقصاء من كأس العالم 1994.

كان إسكوبار نجم الدفاع في منتخب بلاده، بالإضافة إلى كونه لاعبًا في نادي أتليتكو ناسيونال، أحد أهم الأندية في مدينة ميدلين.

مباراة العمر.

كانت المباراة التي أنهت حياة المدافع إسكوبار بين منتخبي كولومبيا والولايات المتحدة الأمريكية، البلد المضيف للبطولة، في عام 1994.

كانت هذه المباراة هي الأخيرة له، حيث سجل هدفًا عن طريق الخطأ في مرمى فريقه في الدقيقة 35 من زمن المباراة.

وبذلك انتهت المباراة بفوز الولايات المتحدة على كولومبيا بهدفين مقابل هدف واحد.

جاء الهدف أثناء محاولة إسكوبار قطع تمريرة عرضية، لكن الكرة انحرفت إلى داخل الشباك الكولومبية، مما أدى إلى إقصاء كولومبيا من دور المجموعات في نهائيات كأس العالم 1994، وعاد الفريق الوطني إلى البلاد بعد أيام من تلك الهزيمة.

كان هذا الخروج صادمًا للجميع، رغم أن الكثير من خبراء كرة القدم واللاعبين المخضرمين مثل بيليه رأوا أن المنتخب الكولومبي كان مرشحًا قويًا للوصول إلى الدور قبل النهائي على الأقل في البطولة.

كاد منتخب كولومبيا أن يحرم منتخب الأرجنتين الأسطوري من الوصول إلى النهائيات عندما خاض أمامه إحدى المباريات المؤهلة لكأس العالم في الولايات المتحدة 1994، حيث ألحق بالأرجنتين هزيمة نكراء بخماسية نظيفة.

وخسر الفريق الكولومبي مباراة واحدة فقط من إجمالي 26 مباراة خاضها قبل انطلاق نهائيات كأس العالم 1994.

كانت الحالة الرائعة للمنتخب والتطلعات الكبيرة لجمهور كرة القدم هي العوامل التي جعلت هدف أندريس إسكوبار، الذي أحرزه في مرمى فريقه عن طريق الخطأ، صدمة كبيرة للجميع.

لم يشارك إسكوبار في أي مباريات بعد تلك المباراة.

ليلة القتل

1_11zon

بعد حوالي عشرة أيام من إقصاء كولومبيا من كأس العالم، وفي الساعات الأولى من الثاني من يوليو/ تموز من ذلك العام، حدثت مواجهة بين إسكوبار ومجموعة من جماهير كرة القدم أمام إحدى الحانات في مدينته ميدلين، ثاني أكبر مدينة في كولومبيا.

تشتهر ميدلين بحضور قوي لعصابات المخدرات، وكانت العلاقة بين عالم كرة القدم وعالم الجريمة المنظمة في كولومبيا قوية في ذلك الوقت.

وفقًا لشبكة سي إن إن، تطور الأمر إلى إطلاق أحد أفراد هذه المجموعة ست رصاصات على إسكوبار، حيث ردد القاتل مع كل طلقة كلمة “هدف”.

وفي مساء اليوم التالي، أعلنت الشرطة في ميدلين أنها ألقت القبض على المشتبه به في قتل إسكوبار، وهو هومبرتو كاسترو مونيوز، الذي كان يعمل حارسًا شخصيًا وسائقًا لدى أخوية “غالونز”.

حُكم على مونيوز بالسجن لمدة 43 سنة بتهمة قتل إسكوبار، لكنه قضى 11 سنة فقط خلف القضبان ثم أُطلق سراحه لحسن سلوكه.

“المهذب”.

عُرف إسكوبار بلقب “المهذب” نظراً لما كان يتمتع به من لطف ولباقة وأدب وهدوء في التعامل مع الآخرين.

يرجح أن ذلك يعود إلى نشأته الاجتماعية، حيث انحدر من أسرة من الطبقة المتوسطة، إذ عمل والده مصرفياً في أحد البنوك.

على عكس أغلب لاعبي كرة القدم المشهورين في كولومبيا، تلقى إسكوبار تعليمه في مدرسة خاصة كاثوليكية، وكان يذهب كل صباح إلى قداس في الكنيسة قبل بدء دراسته، مما جعله شخصًا متدينًا ومهذبًا.

كان الجميع يحبونه في الفريق، من اللاعبين وطواقم التدريب، حيث وصفوه بأنه مهذب، وهادئ، ولطيف، مما يكشف عن شخصيته المميزة.

كان إسكوبار طالبًا ملتزمًا خلال فترة دراسته، لكنه كان يلعب كرة القدم بشكل مستمر بعد انتهاء اليوم الدراسي.

2_11zon

المراهنات

ربطت النيابة العامة في كولومبيا مقتل إسكوبار بمراهنات كرة القدم المنتشرة في البلاد، لكنها لم تتمكن من إثبات هذه العلاقة.

ورجحت أن أخوية “غالونز” هم من خططوا لقتله عن طريق الحارس الخاص والسائق الذي يعمل لديهم، حيث كان أفراد العصابة يراهنون بمبالغ كبيرة على مباريات كولومبيا في نهائيات كأس العالم.

تردد أيضًا أن القتل جاء انتقامًا من إسكوبار لإضاعته فرصة وصول بلاده إلى أدوار متقدمة في البطولة بسبب الهدف الذي أحرزه في مرمى فريقه عن طريق الخطأ.

رحلة إسكوبار في الملاعب

3_11zon

بدأت رحلة إسكوبار المهنية في عالم كرة القدم في عام 1985 عندما التحق بنادي أتليتكو ناسيونال.

ثم انتقل إلى نادي “بي إس سي يونغ بويز” السويسري بعد أكثر من أربع سنوات مع فريقه الكولومبي، واستمر هناك لمدة عام.

كانت أول مباراة له مع منتخب بلاده الوطني في 30 مارس/ آذار 1988، وكان عمره لا يتجاوز 21 سنة.

خلال مسيرته، شارك أندريس إسكوبار في 50 مباراة مع منتخب كولومبيا، وسجل هدفًا واحدًا فقط في مباراته الدولية، وكان ذلك في مباراة كولومبيا وإنجلترا في بطولة “روس” (Rous Cup)، حيث انتهت المباراة بالتعادل بهدف لكل من البلدين.

كما شارك في بطولة “كوبا أميركا” التي استضافتها البرازيل عام 1989، والتي شهدت إقصاء المنتخب الكولومبي من الدور الأول.

ظهر أيضًا في مباريات منتخب بلاده في التصفيات المؤهلة لكأس العالم إيطاليا 1990، حيث تأهلت كولومبيا للنهائيات وشارك إسكوبار في جميع مبارياتها حتى خرجت من البطولة على يد الكاميرون.

على الرغم من عدم مشاركته في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1994، إلا أنه تم استدعاؤه للنهائيات حتى تلك المباراة التي أُقصي فيها منتخب بلاده، حيث سجل هدفًا عن طريق الخطأ كان سببًا في إنهاء حياته.

ذكرت تقارير في ذلك الوقت أنه كاد أن يوقع عقدًا مع فريق “أيه سي ميلان” الإيطالي بعد نهائيات كأس العالم، لكن مقتله حال دون إبرام تلك الصفقة.