في حي “نيما” بأكرا في غانا، نشأ الطفل محمد قدوس، الذي انتقل مؤخرًا إلى توتنهام مقابل 55 مليون جنيه إسترليني، ورغم تلك الصفقة الكبيرة، كانت بدايته مليئة بالتحديات والعقبات.

اقرأ كمان: مدرب الوداد المغربي يخرج من المستشفى بعد فترة علاج قصيرة
ترعرع قدوس في أحد أصعب الأحياء، حيث كانت الحياة صعبة، المنازل ذات الأسقف المصنوعة من الصفيح، والأسواق التي لا تنام، بالإضافة إلى الفقر الذي يحيط به، حيث كان يلعب بإبهام مكسور، مما زاد من صعوبة ظروفه.
قال بشير محمد زكاري، نائب رئيس نادي سترونج تاورز، أول نادٍ يلعب فيه قدوس، لصحيفة صن سبورت: “لدى الأطفال في نيما خيارات محدودة، وكرة القدم أصبحت ملاذًا لهم، عندما انضم إلينا قدوس، كان قليل الكلام، يقضي ساعات مع أصدقائه دون أن يتحدث، ولكن كان هناك شيء مميز فيه، كان هادئًا”.
وأضاف زكاري: “كان يذهب إلى المدرسة في الصباح، ثم يعد الساعات وينطلق إلى حديقة مونتريال، التي كانت عبارة عن مساحة خشنة من الغبار، وتم تسويتها لاحقًا لبناء المسجد الوطني في أكرا، وهناك بدأ العمل الجاد، حيث بدأ شغفه ينمو”.
وأوضح: “أتذكر كيف انضم إلينا، وكأنه حدث بالأمس، لم يكن لدينا أكاديمية خاصة، لذلك نظمنا مباريات مع أكاديمية “رايت تو دريم”، وهناك تم اكتشافه، وعندما كان في الثالثة عشرة من عمره، تم اختياره من قبل الأكاديمية، ولكن الأمور لم تكن سهلة حتى هناك”.
قال مسعود ديدي دراماني، أول مدرب له في “رايت تو دريم”، لصحيفة “صن سبورت”: “كان خجولًا جدًا، ومع ذلك، كان قدوس لاعبًا قويًا وعازمًا، كنا نراقبه لفترة، ولم نقرر ضمه إلا بعد مباراتنا ضد فريقه المحلي، كان عمره حوالي 13 أو 14 عامًا فقط، وكان دورنا يتجاوز تطويرهم كلاعبين، بل كان يركز على تنميتهم كأشخاص أفضل”.
وأضاف دراماني: “عندما انضم إلينا لأول مرة، كان مثل أي مراهق، يرغب في إثارة إعجاب الجميع، لكن ما لفت انتباهي هو عندما كسر إبهامه واحتاج إلى جبيرة، ومع ذلك استمر في التدريب مع المجموعة، لا زلت أذكر تلك اللحظات وكيف كان قويًا نفسيًا وهو يلعب مع الجبس على يده”.
بعد ذلك، تلقى قدوس عرضًا من نادي نوردشييلاند الدنماركي، ليبدأ تحديًا جديدًا بعيدًا عن عائلته وأصدقائه، وأوضح دراماني: “تحدثت معه وأخبرته أن الأمر سيكون صعبًا قبل أن يتحسن”.
وأضاف: “لكن الشيء الوحيد الذي يمكنني قوله له هو تذكر تقدمك، كيف كنت تلعب بإبهام مكسور، وعندما يمنحك المدير خمس دقائق، عليك أن تظهر له أنك تستحق العشر دقائق، في أوروبا، تحصل على ما تعمل من أجله، وقد نجح الأمر، أصبح قدوس نجمًا في الدنمارك، ولم يمض وقت طويل قبل أن يطلبه أياكس”.
مقال له علاقة: هاني سعيد يكشف أول تعليق له بعد فوز بيراميدز بلقب دوري أبطال أفريقيا
انتقال قدوس إلى أياكس كان بداية لحلم أكبر، وهو اللعب في الدوري الإنجليزي، ولكن عندما بدأت الأمور تتحسن، انهار كل شيء مرة أخرى، ففي عام 2022، قدم إيفرتون عرضًا جادًا، ورغب قدوس في إتمام الصفقة، لكن أياكس رفض رحيله.
لم يقتصر الأمر على رفض الصفقة، بل قام أياكس بتجميد قدوس، حيث قال في تصريحات لصحيفة تليجراف الهولندية: “خيبة أملي كانت كبيرة عندما منعني أياكس من الانتقال إلى إيفرتون، اعتقدت أن الوقت قد حان لبدء فصل جديد في مسيرتي، لكن مع إغلاق سوق الانتقالات، عدت للتركيز على أياكس”.
وعندما جاء عرض وست هام، لم يتردد قدوس في انتهاز الفرصة، وانتقل إلى الدوري الإنجليزي، وفي موسمه الأول، سجل 14 هدفًا وقدم 20 تمريرة حاسمة.
لكن في موسمه الثاني، تراجعت الأمور مجددًا، وسجل خمسة أهداف فقط، مما أدى إلى بدء رحلة جديدة لنجم منتخب غانا مع توتنهام.