
في إطار المحور الفكري للدورة الـ18 من المهرجان القومي للمسرح المصري، والذي يحمل عنوان “تحولات الوعي الجمالي في المسرح المصري”، تم تنظيم جلستين فكريتين بارزتين تناولتا أساليب الإخراج المسرحي المعاصر وآليات الإنتاج المسرحي غير الحكومي، وذلك بحضور مجموعة من المخرجين والباحثين وصُنّاع المسرح، حيث شهدت الفعاليات تفاعلاً ملحوظًا من الحضور في المجلس الأعلى للثقافة.
ممكن يعجبك: رحيل الفنانة والإعلامية المغربية كوثر بودراجة في سن 37.. ذكرى مؤلمة لجمهورها
أدار الجلسة الأولى الدكتور محمد عبد الرحمن الشافعي، بمشاركة الدكتورة إنجي البستاوي، والدكتورة هبة الله سامي، والمخرج محمد الحضري، حيث تمحور النقاش حول التغيرات التي شهدتها أساليب الإخراج المسرحي، ودور الارتجال، وتأثير المنهجيات الحديثة والتحديات الإنتاجية على التجارب الإخراجية الشابة.
تناولت الدكتورة إنجي البستاوي أساليب الإخراج المسرحي المعاصر، مشيرة إلى أهمية الارتجال كعنصر أساسي في العملية الإخراجية، حيث أكدت أن الارتجال والإبداع هما وجهان لعملة واحدة، وأنه عنصر مميز في الإخراج المسرحي، وقد برز بشكل كبير بين شباب المخرجين، وأصبح الارتجال الجماعي له دور جوهري في تقديم عروض مسرحية تستند إلى العديد من النظريات والمناهج المسرحية التي تهتم بتدريب الممثل، مثل منهج ستانسلافسكي أو أوجستو بوال.
وأضافت: إن رواد فن الممثل الذين تمكنوا من تقديم عروض مسرحية من لا شيء، ومن بينهم تجربة يوجينو باربا، يمتلكون قدرة فريدة على خلق عرض مسرحي من العدم، وكيف يمكننا صياغة نص ارتجالي مُحكم للعرض على خشبة المسرح، وهذا يشمل أيضًا كيفية تكوين الشخصية التي يلعبها الممثل، وكيف يمكنه الارتجال بما يتناسب مع بناء الشخصية الدرامية
أما الدكتورة هبة الله سامي، فقد تحدثت عن الرؤى المنهجية للإخراج المسرحي لدى شباب المخرجين في ظل الظروف الإنتاجية المختلفة، مؤكدة أنه ليست لدينا أزمة في المسرح، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في بعض الملاحظات، أولها التغطية الإعلامية لفعاليات المسرح والمهرجانات، وثانيها الثقافة الخاصة بالمخرجين، مشددة على أنه ليس لدينا أزمة تفكير أو رؤى، بل أزمة في الإنتاج، حيث يتحمل المخرج مسؤولية البحث عن جهة إنتاج تستطيع تحقيق رؤيته الإخراجية.
وأشارت إلى نقطة مهمة تخص المخرجين الشباب قائلة: رغم وجود تجارب وأفكار ملهمة لشباب المخرجين في العروض التي قمت بتحكيمها في أكثر من مهرجان، إلا أن هناك إهمالًا كبيرًا في القراءة، وهو أمر ينبغي الانتباه له، ومع ذلك، فإن هؤلاء الشباب، رغم التحديات، قادرون على تقديم عروض مبهرة حتى في ظل ظروف إنتاجية صعبة
من جانبه، تحدث المخرج محمد الحضري عن تجربته مع “الجروتيسك” ونظرية إعادة التفكيك للواقع المعاش، مؤكدًا أن هذا المنهج يعمل على إنتاج صورة مسرحية غرائبية، حيث يوجد فرق جوهري بين كوميديا ديلارتي والجروتيسك، إذ أن الهدف في الأولى هو الإضحاك، بينما الجروتيسك يقدم حالات شعورية متنوعة.
وتابع: أحرص من خلال العروض التي أخرجها على مراعاة الأنماط الاجتماعية والفكرية المختلفة في التلقي، وأسأل نفسي دائمًا: كيف يمكن للشخص العادي، مثل والدي، أن يفهم ما أقدمه؟ ولهذا أسأل نفسي قبل العرض: ماذا أقدم؟ وكيف أقدمه؟ وأسعد لحظات حياتي هي حينما يخرج الجميع وقد أعجبهم العرض وفقًا لرؤيتهم الخاصة
أدارت الجلسة الثانية الفنانة منى سليمان، وشارك فيها كل من المنتجة أروى قدورة، والمخرج سامي داوود، والفنان رامي دسوقي، حيث ناقش المشاركون التحديات التي تواجه الإنتاج المسرحي غير الحكومي، واستعرضوا نماذج من تجاربهم في دعم المسرح الحر والمستقل.
قالت المنتجة أروى قدورة، رئيس مجلس إدارة مسرح الهوسابير، إن هدفها الرئيسي من خلال تجربتها في المسرح خلال 20 عامًا هو تخريج جيل جديد من المسرحيين، مشيرة إلى أنها تستهدف من خلال العروض المسرحية التي تشرف على إنتاجها مراعاة الذوق العام للجمهور، ولهذا تدقق كثيرًا في نوعية العروض المسرحية التي تقدمها، وغالبًا ما تصرف أغلب العائد من المسرح على بعض العروض الواعدة، ولهذا أُطلق عليها لقب “منتجة الهواة” من كثرة العروض التي أنتجتها للهواة في المسرح.
وأضافت: ما يهمني هو الإبداع الخاص والمصنوع من قبل المبدعين والموهوبين، خاصة في الخط الجديد للمسرحيين سواء من ناحية الأساليب الإخراجية أو الديكور أو النص المؤلف، والهدف الأساسي هو تقديم أفكار جديدة تهم المجتمع، مثل قضايا التنمر، الصداقة، إعادة التدوير، وسيطرة الألعاب الإلكترونية، فضلًا عن قضايا المرأة، وأسعى من خلال المسرح لتقديم مجموعة من الموضوعات المهمة التي تحقق إقبالًا جماهيريًا في الوقت نفسه
قال المخرج سامي داوود إن هناك نوعين من الإنتاج المسرحي غير الحكومي، الأول يستهدف الربح، والثاني يوجه جزءًا من هذا الربح لدعم التجارب الشبابية، موضحًا أن إنتاج أي عرض يجب أن تتوفر له عدة مقومات، أهمها التمويل، أماكن العرض، والجمهور المستهدف، وغالبًا ما يتجه المنتجون لتحقيق الربح، بينما هناك قلة من المنتجين الذين يديرون نمطًا مزدوجًا: تحقيق الربح من عروض معينة، ودعم تجارب مسرحية أخرى موجهة للشباب
مقال له علاقة: يسرا ودرة وكندة علوش يتألقن في حفل زفاف أمينة خليل بالصور الرائعة
وتابع: جزء كبير من عملي كمدير لبعض المهرجانات الدولية كان هدفه ليس فقط دعم عرض، بل مشروع ثقافي متكامل يشمل الورش الفنية، والإدارة الثقافية، والتسويق، والإضاءة، من خلال دعم مادي وفني شامل
تحدث الفنان رامي دسوقي، المدير المالي لاتحاد المعاهد الثقافية الأوروبية (EUNIC) في مصر، عن المنح الإنتاجية التي تقدمها المؤسسة، قائلًا: في يونيك نحاول كسر مركزية القاهرة والإسكندرية، وإعادة توزيع المنح على المحافظات الأخرى، نحن لسنا جهة مانحة فقط، بل شركاء في تنفيذ المشاريع، ونعمل مع مؤسسات مثل المركز الثقافي الفرنسي لتوفير المساحات، ونتعاون مع وزارة الثقافة لإيجاد فضاءات إبداعية جديدة
وأضاف: نستقبل سنويًا أكثر من 700 استمارة، مما يجعل عملية الاختيار معقدة، ونحرص على أن يتضمن الدعم فرصًا للتدريب والسفر، وليس فقط الدعم المادي، نحن نهتم بإيجاد فرص للفنانين الشباب لتوسيع خبراتهم على المستويين المحلي والدولي