أصدرت منظمة “التحالف من أجل الشمول المالي” (AFI) بالتعاون مع البنك المركزي المصري وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية “هابيتات” دراسة تتناول المبادرة الرئاسية “سكن لكل المصريين” تحت عنوان “بناء المنازل.. بناء المستقبل: نموذج التمويل الإسكاني المُيسر في مصر” حيث توصلت الدراسة إلى نتائج مهمة، منها أن المبادرة تمثل أفضل نموذج لتوفير السكن الملائم للمواطنين منخفضي ومتوسطي الدخل على مستوى العالم، مشيدة بدور الاستقرار المؤسسي والقيادة الرشيدة في تحقيق إنجازات الصندوق.

اقرأ كمان: الوزير يكشف: مصنع جديد يفتح أبوابه كل ساعتين وقائمة الأسماء جاهزة للعرض
أعرب المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، عن سعادته بهذه النتائج التي تعكس التوجه الصحيح في هذا الملف الحيوي، مشيدًا بالرؤية الثاقبة للقيادة السياسية التي دعمت وتابعت المبادرة وجعلتها من أولويات الأجندة.
كما أكدت مي عبد الحميد، الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، أن هذه الإشادات تعكس التزام الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوفير السكن الملائم للمواطنين بشروط ميسرة وغير مسبوقة، مشيدة بمجهودات فريق العمل بالصندوق الذي ساهم بشكل رئيسي في تحقيق هذه الإنجازات.
جاءت هذه الدراسة نتيجة مباشرة لمحاضرة استمع إليها وفود بنوك مركزية من مختلف دول العالم خلال ورشة عمل نظمتها AFI و”هابيتات” والبنك المركزي المصري، وتبعها زيارة ميدانية لوحدات المبادرة الرئاسية “سكن لكل المصريين” حيث تم الاطلاع على ما تم إنجازه على أرض الواقع.
تناولت الدراسة التجربة المصرية منذ إطلاق البرنامج الرئاسي “سكن لكل المصريين” في عام 2014، والذي يهدف إلى حل أزمة الإسكان في مصر، حيث كانت تعاني البلاد من انتشار البناء العشوائي، ووفقًا للإحصائيات، كانت نحو 40% من الأسر الحضرية تعيش في مناطق عشوائية، وكانت أسعار الوحدات السكنية تفوق قدرة معظم المواطنين الشرائية.
استعرضت الدراسة مصادر التمويل التي اعتمد عليها الصندوق لتنفيذ المبادرة، حيث حصل على تمويل بقيمة 135 مليار جنيه مصري من البنك المركزي موزعة على 3 مراحل بفائدة مدعومة، بالإضافة إلى قرض من البنك الدولي بقيمة مليار دولار، كما حصل على قرض بقيمة 50 مليار جنيه من عدة بنوك محلية في عام 2024.
ركزت الدراسة أيضًا على التحديات التي واجهت المبادرة في بدايتها، مثل صعوبة إقناع البنوك بالمشاركة في التمويل، حيث أظهرت الإحصائيات أن 65% من المستهدفين لم يسبق لهم التعامل مع البنوك، ورغم البداية المحدودة مع 4 بنوك، إلا أن التعاون توسع الآن ليشمل 30 جهة تمويل.
كما سلطت الدراسة الضوء على مبادرة التمويل العقاري التي أطلقها البنك المركزي، والتي تعد من أسباب استدامة المشروع، حيث وفرت فائدة مدعومة للمواطنين، مع تحمل الدولة جزءًا من تكلفة الفائدة.
بالإضافة إلى ذلك، تناولت الدراسة جهود صندوق الإسكان الاجتماعي نحو التحول الرقمي، الذي يساهم في تقليل التعامل المباشر بين مقدمي الخدمة والمستفيدين، مما يساعد في الحد من الفساد والمحسوبية.
أطلق الصندوق منصة رقمية قدمت خدماتها لأكثر من 2.17 مليون متقدم، من خلال منصة خدمة المواطنين والموقع الإلكتروني، بالإضافة إلى صفحات رسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم الرد على استفسارات المواطنين وشكاواهم وتقديم المعلومات اللازمة لهم.
أشادت الدراسة أيضًا بآليات معالجة البيانات المقدمة من المواطنين، حيث تم تنفيذ مليون زيارة ميدانية للتحقق من المستندات والمعلومات، من خلال 11 شركة استعلام، كما تم إجراء استعلام ائتماني من قبل البنوك قبل صرف الدعم وإتمام إجراءات التعاقد.
كما أبرزت الدراسة مبادرة “العمارة الخضراء” التي ينفذها الصندوق بالتعاون مع عدة جهات دولية ومحلية، والتي تهدف إلى بناء وحدات سكنية صديقة للبيئة، حيث تستهدف المرحلة الأولى بناء 25 ألف وحدة، تليها 30 ألف وحدة في المرحلة الثانية، مع التخطيط للوصول إلى 80 ألف وحدة بحلول عام 2026.
تعتمد هذه الوحدات على تقنيات صديقة للبيئة مثل النوافذ المزدوجة، والعزل الحراري، واستخدام الطاقة الشمسية، وإعادة تدوير المياه والنفايات، مما يساهم في تحقيق وفورات كبيرة في استهلاك الطاقة والمياه.
سلطت الدراسة الضوء على النتائج الإيجابية التي حققتها المبادرة، حيث تم طرح مليون وحدة سكنية للمواطنين منخفضي الدخل، وتم تسليم أكثر من 650 ألف وحدة يستفيد منها نحو 3 ملايين مواطن، وتم تنفيذ 85% من الوحدات في المدن الجديدة و15% في المحافظات، بمشاركة 2000 شركة مقاولات، مما وفر 4.2 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
مقال مقترح: أمريكا تمنع موظفيها في إسرائيل من التنقل خارج تل أبيب والقدس
أضافت الدراسة أن المبادرة ساهمت في خفض نسبة العشوائيات من 40% إلى 25%، وزيادة مساهمة العقارات في الناتج المحلي من 8% إلى 12%، مع تحقيق نمو سنوي يتراوح بين 1% و2% من الناتج المحلي.
كما أشارت الدراسة إلى أن المبادرة ساهمت في رفع نسبة تملك النساء للعقارات من 5% إلى 24%، وتملك ذوي الهمم 5% من الوحدات مع توفير ما يلزم لتكون مجهزة لهم، وتملك أصحاب المهن الحرة 23% من الوحدات، مع دمج 65% من المستفيدين في النظام المالي الرسمي.
توصلت الدراسة إلى عدة توصيات يمكن لجميع دول العالم الاستفادة منها، مثل إنشاء سياسات مرنة تتكيف مع الأزمات الاقتصادية، وتعزيز الشمول المالي، وتشجيع الاستثمار الخاص من خلال الحوافز، بالإضافة إلى ضرورة التخطيط الحضري الذكي وربط الإسكان بالخدمات، ودمج معايير الاستدامة البيئية في التصميم.
أتاحت منظمة التحالف من أجل الشمول المالي AFI الدراسة عبر موقعها الإلكتروني https://www.afi-global.org لتكون متاحة للجهات الرسمية والمنظمات في مختلف دول العالم للاطلاع عليها والاستفادة منها.
يذكر أن AFI هو تحالف عالمي رائد في مجال السياسات المالية، يعمل على تعزيز الشمول المالي، ويضم عددًا من البنوك المركزية والمؤسسات التنظيمية المالية في 84 دولة، حيث يربط بين صانعي السياسات ويمكّنهم من تطوير مبادرات فعالة لتعزيز الشمول المالي، وقد أطلق أعضاؤه أكثر من 1130 سياسة في هذا المجال، مما ساهم في إدماج 850 مليون شخص ماليًا، كما ينتج التحالف تقارير وتحليلات دورية حول حالة الشمول المالي.