كل ما تحتاج معرفته عن السلطة الفلسطينية وصلاحياتها الأساسية

(بي بي سي).

كل ما تحتاج معرفته عن السلطة الفلسطينية وصلاحياتها الأساسية
كل ما تحتاج معرفته عن السلطة الفلسطينية وصلاحياتها الأساسية

في 13 سبتمبر/أيلول 1993، تم توقيع “اتفاق أوسلو” للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في حديقة البيت الأبيض بعد عقود من الصراع والعداء، حيث أشار الاتفاق إلى “إقامة سلطة حكومة ذاتية انتقالية فلسطينية” ومجلس منتخب للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك لفترة انتقالية لا تتجاوز خمس سنوات تؤدي إلى تسوية دائمة تعتمد على قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338.

يدعو قرار مجلس الأمن الدولي 242 الإسرائيليين للانسحاب من “الأراضي التي احتلتها” في حرب 1967، مؤكدًا على “عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب”، بينما دعا قرار 338 بعد حرب 1973 لوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 242، مشددًا على أهمية بدء المفاوضات لإقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.

تأسست منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964، وتضم فصائل وأحزاب سياسية ومنظمات شعبية وشخصيات مستقلة وممثلي المجتمع المدني، لكن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تعتبر من أبرز الغائبين عن عضويتها.

كيف نشأت السلطة الفلسطينية؟

أدى اتفاق أوسلو، المعروف أيضًا بـ(أوسلو 1)، إلى إنشاء السلطة الفلسطينية، حيث كان من المتوقع أن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة في المستقبل.

بعد حوالي شهر من توقيع الاتفاق، قرر المجلس المركزي الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية إنشاء “السلطة الوطنية الفلسطينية”، وفي عام 1994 تم توقيع اتفاق (غزة – أريحا أولاً) لتنفيذ الحكم الذاتي في قطاع غزة ومدينة أريحا، مما سمح لقيادة المنظمة بالدخول إلى الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة).

سيطرة حركة (حماس) على قطاع غزة عام 2007، بعد أكثر من عام على الفوز بالانتخابات التشريعية، أدت إلى عدم خضوع القطاع لسلطة الحكومة الفلسطينية منذ ذلك الحين.

من ترأس السلطة الفلسطينية؟

قرر المجلس المركزي في عام 1993 أن يكون ياسر عرفات، رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة، هو رئيس “مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية”، وفي الأول من يوليو/تموز 1994، عاد عرفات إلى الأراضي الفلسطينية بعد غياب 27 عامًا، حيث وصل أولاً إلى قطاع غزة بعد أن كانت تونس مقرًا لمنظمة التحرير الفلسطينية عقب الخروج من لبنان عام 1982.

1_1_11zon

أقيمت انتخابات في عام 1996 لاختيار رئيس السلطة وأعضاء المجلس التشريعي (برلمان السلطة)، حيث فاز عرفات بالرئاسة، وبعد وفاة عرفات في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، تولى روحي فتوح، الذي كان يشغل منصب رئيس المجلس التشريعي، رئاسة السلطة مؤقتًا لمدة 60 يومًا، وفي مطلع عام 2005، فاز مرشح حركة فتح محمود عباس في الانتخابات ليصبح رئيسًا للسلطة.

ما المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية؟

2_2_11zon

قسمت اتفاقية طابا الفلسطينية الإسرائيلية تفاصيل تنفيذ الحكم الذاتي في الضفة الغربية عام 1995 إلى ثلاث مناطق (أ، ب، ج)، حيث إن المنطقة (أ) تخضع أمنياً وإدارياً بالكامل للسيادة الفلسطينية، وتشمل المدن الرئيسية، بينما المنطقة (ب) تخضع إدارياً للسيادة الفلسطينية وتتشارك أمنياً مع الجيش الإسرائيلي، وتضم القرى الفلسطينية المحيطة بالمدن الرئيسية، أما المنطقة (ج) فتخضع بالكامل لسيطرة الجيش الإسرائيلي على الأمن والتخطيط والبناء.

كان من المفترض نقل مناطق (ج) بشكل تدريجي لتصبح تحت سيطرة السلطة، لكنها لا تزال تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة، ولم تشمل المناطق الثلاثة القدس الشرقية التي كان من المفترض أن تُعالج قضاياها خلال فترة المفاوضات الانتقالية.

وصف المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية سيطرة السلطة على مناطق (أ) بأنها “شكلية”، حيث تدير السلطة الفلسطينية “جزراً منعزلة” في أراضي الضفة الغربية، محاطة بمناطق تحت السيطرة الإسرائيلية، ويستمر الجدل الداخلي الفلسطيني حول جدوى دور السلطة في الأراضي الفلسطينية، بينما لا تثق الحكومة الإسرائيلية الحالية بالسلطة.

3_3_11zon

أفادت “هيئة مقاومة الجدار والاستيطان” الفلسطينية في عام 2023 بأن مساحة الأراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها إسرائيل وتخضع للعديد من “الإجراءات الاحتلالية” تبلغ 2,380 كيلومتراً مربعاً، مما يعادل 42 في المئة من مجمل أراضي الضفة الغربية، وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2024، يعيش حوالي 504 آلاف إسرائيلي في 147 مستوطنة و224 بؤرة استيطانية، بالإضافة إلى نحو 233,600 مستوطن في القدس الشرقية المحتلة، وفق الأمم المتحدة، وقد اعتُبرت هذه المستوطنات الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية مثار جدل لعدم قانونيتها من قِبل الأمم المتحدة، وهو موقف أكده أيضًا محكمة العدل الدولية.

ما هي صلاحيات السلطة الفلسطينية؟

4_4_11zon

أُنشئت السلطة الفلسطينية لتسلم المهام الإدارية في الضفة الغربية وغزة التي كانت تُدار من قبل “الإدارة المدنية الإسرائيلية”، لكن إسرائيل اتخذت إجراءات قلصت بشكل كبير من صلاحيات السلطة، حيث يرى مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية “مسارات” هاني المصري أن إسرائيل جرّدت السلطة الفلسطينية الآن من معظم صلاحياتها.

تضمن اتفاق أوسلو نقل السلطة للفلسطينيين في مجالات التعليم والثقافة والصحة والشؤون الاجتماعية والضرائب المباشرة والسياحة، كما نص الاتفاق على بناء قوة الشرطة الفلسطينية وإنشاء مؤسسات مثل سلطة فلسطينية للكهرباء وسلطة ميناء غزة وبنك فلسطين للتنمية، وغيرها من السلطات التي يُتفق عليها.

تطرّق اتفاق (أوسلو 2) في عام 1994 لصلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية ومسؤولياتها، والتي لا تتضمن “العلاقات الخارجية والأمن الداخلي والأمن العام للمستوطنات ومنطقة المنشآت العسكرية والإسرائيليين والأمن الخارجي”، حيث منح الاتفاق السلطة الفلسطينية سلطات ومسؤوليات قانونية وتشريعية وتنفيذية وقضائية.

5_5_11zon

تملك السلطة حالياً صلاحيات إدارية وخدماتية وأمنية واقتصادية محدودة حتى في مناطق (أ) المفترض أن تكون خاضعة لسيادتها بشكل كامل، وفق المصري، حيث يعتقد أن السلطة حالياً على حافة الانهيار في ظل حجز إسرائيلي لأموال تعود للسلطة، حيث تتولى إسرائيل مسؤولية جمع الضرائب والرسوم الجمركية العائدة للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاق أبرم عام 1994، وتبرر إسرائيل توقفها عن التحويل إلى خزينة السلطة الفلسطينية بمواصلة دفع السلطة رواتب المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وتبلغ النفقات المرصودة في موازنة السلطة للعام الحالي حوالي 6.16 مليار دولار أمريكي، مع وجود عجز يقدر بحوالي 1.37 مليار دولار.

ما الفرق بين السلطة ومنظمة التحرير؟

7_7_11zon

بعد تأسيس المنظمة بعقد، قررت القمة العربية في الرباط عام 1974 أن تكون منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومنذ ذلك الحين، تمثل المنظمة فلسطين في الأمم المتحدة ومنظمات دولية وإقليمية أخرى، حيث أصدرت المنظمة قرارًا بإنشاء السلطة عام 1993، والتي تقع على عاتقها “واجب تدبير شؤون الحياة اليومية” للفلسطينيين.

يشير المصري عبر بي بي سي إلى أن المنظمة هي الكيان السياسي والمرجعية العليا، بينما السلطة تتمتع بصلاحيات حكم ذاتي محدود وفق نص اتفاق أوسلو، حيث يُفترض أن تمثل منظمة التحرير الفلسطينيين في العالم، بينما تمثل السلطة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحتى نهاية عام 2024، أُحصي وجود حوالي 14.9 مليون فلسطيني في العالم، منهم حوالي 7.6 مليون في الخارج، ويُعد ملف اللاجئين الفلسطينيين من اختصاص منظمة التحرير الفلسطينية.

يتحدث المصري عن وجود مرجع قانوني لكل جهة، فالسلطة لديها “القانون الأساسي”، بينما المنظمة فلديها “النظام الأساسي”، ويصف المصري المنظمة بأنها “دولة لحين تجسد الدولة على الأرض”، ومنذ عام 2012، تتمتع فلسطين بعضوية الأمم المتحدة بصفة مراقب، لكنها لا يمكن أن تُمنح العضوية الكاملة إلا بتصويت مؤيد من مجلس الأمن.