تشهد السوق المصرية حاليًا تدفقًا ملحوظًا لرؤوس الأموال الصينية، حيث يسعى المستثمرون للاستفادة من المزايا العديدة التي توفرها، ومن أبرزها الموقع الجغرافي الاستراتيجي واتفاقيات التجارة الحرة التي تربط مصر بعدد من التكتلات الدولية.

ممكن يعجبك: أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 26 يونيو 2025 مع بدء التعاملات المالية
وقعت هيئة الاستثمار والبترول والبنك المركزي اتفاقيات مع شركات وبنوك صينية لتعزيز استثماراتها في مصر، خاصة في مجالات صناعة النسيج والبتروكيماويات واللوجيستيات والبنوك وغيرها من القطاعات.
استثمارات صينية وتركية تطرق أبواب السوق المصري
قال محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات المصرية، إن هناك حركة ملحوظة من المستثمرين الصينيين والأتراك الذين يسعون لنقل جزء من استثماراتهم إلى مصر، حيث يسعى الكثير منهم لإقامة مصانع بهدف الحصول على شهادة منشأ مصرية، مما يتيح لهم تصدير منتجاتهم إلى الأسواق الدولية بدون جمارك، وهو حافز قوي لنقل خطوط الإنتاج.
وأضاف المرشدي، أن هناك توسعًا ملحوظًا في الاستثمارات الصينية في قطاع الملابس الجاهزة، بالإضافة إلى الصناعات المرتبطة بها مثل الأقمشة والصناعات المغذية، وأكد أن الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتسهيل الإجراءات وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، مما يجعل دخول السوق المحلي أمرًا يسيرًا في الوقت الحالي.
اهتمام صيني بقطاع الزجاج والرخام والجرانيت
في قطاع مواد البناء، أوضح أحمد عبد الحميد، رئيس غرفة صناعات مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، أن هناك اهتمامًا صينيًا بمجالات مثل الزجاج والرخام والجرانيت، مشيرًا إلى وجود شركة صينية كبيرة تسعى حاليًا للاستثمار في قطاع الزجاج.
أما بالنسبة لقطاع المحاجر، فقد أشار إلى أن الحديث عن توسع صيني كبير في هذا المجال غير دقيق، حيث لا توجد شركات صينية كبرى تعمل بشكل واضح وتقوم بدفع ضرائب أو تخصيص أراضٍ رسمية، ولكن هناك بعض الأفراد الذين يعملون في هذا القطاع بطرق مختلفة.
وأكد أن الغرفة لم تتلقَ تواصلًا مباشرًا من مستثمرين صينيين في الفترة الأخيرة، لكن هناك مؤشرات على نشاط في بعض القطاعات.
هل يساعد توسع رؤوس الأموال الأجنبية الصينية في السوق المحلي مصر على الخروج من الأزمة؟
يرى وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن التوسع في الاستثمارات الصينية يجب أن يقابل بحذر، حيث إن بعض تلك الاستثمارات قد لا تحقق فائدة حقيقية للاقتصاد المصري، بل قد تؤدي إلى إقصاء المنافسة المحلية.
وأشار النحاس إلى أن المشكلة تكمن في غياب الشفافية حول رأس المال المستثمر وخطط التشغيل والعائد المتوقع، موضحًا أن الاستثمارات قد تستهدف القضاء على المنافسة المحلية بدلاً من تنميتها.
واستشهد بحالات سابقة مثل شركة “إيديال” التي كانت رائدة في تصنيع الأجهزة المنزلية، حيث استحوذت عليها شركة إيطالية مما أدى إلى تراجعها، وكذلك شركة “الأهرام للمشروبات” التي اختفى اسم “فيروز” منها بعد الاستحواذ عليها من مستثمر أجنبي.
شوف كمان: تأرجح أداء سهم “بنيان” في ثاني يوم تداول.. تحليل شامل للارتفاعات والانخفاضات
وشدد على ضرورة التفرقة بين الاستثمارات الإيجابية التي تضيف قيمة للاقتصاد المصري، والاستثمارات السلبية التي تهدف لإقصاء المنافسين والسيطرة على السوق، مما يتطلب توخي الحذر في اختيار المستثمرين الذين يدخلون إلى القطاعات الحيوية.
الصين تبحث عن أسواق بديلة.. ومصر واحدة منها
ترى يُمن الحماقي، الخبيرة الاقتصادية، أن الصين تمتلك أكبر فائض تجاري مع الولايات المتحدة، مما يدفعها للبحث عن أسواق بديلة لتقليل الخسائر وزيادة قدرتها التنافسية، حيث تسعى حاليًا للتوسع في الأسواق التي تتمتع بتعريفات جمركية منخفضة.
وأوضحت الحماقي، أن مصر أصبحت سوقًا مستهدفًا من جانب الصين، خاصة بعد أن فرضت الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية أقل على المنتجات المصرية مقارنة بدول شرق آسيا، مما يمثل ميزة نسبية للشركات الصينية.
وأضافت أن الصين تستطيع تصنيع منتجاتها داخل مصر ثم تصديرها إلى الولايات المتحدة، مما يعزز فرصها في تحقيق مكاسب مضمونة، ولكن تحقيق مصر لأية مكاسب من هذه الاستثمارات يعتمد على وجود إدارة محترفة للاستثمار الأجنبي المباشر.
وطالبت الحماقي بضرورة وجود جهاز متخصص لتقييم الاستثمارات الأجنبية ووضع رؤى واضحة لمتابعتها، بما يضمن أن تكون هذه الاستثمارات في مصلحة الاقتصاد المصري، وليس فقط لخدمة مصالح المستثمرين الأجانب.
وشددت على ضرورة أن تخضع الاستثمارات الأجنبية للتقييم، وأن تتماشى مع الأهداف الاقتصادية للدولة، مع إعطاء الأولوية لتوسيع قاعدة التصدير وتعميق التصنيع المحلي ونقل التكنولوجيا، مشيرة إلى أن هذه المكاسب ممكنة ولكن يجب أن يكون هناك توازن واضح في المصالح.