نادية نديم تكشف لنبأ العرب عن رحلتها للهروب من طالبان وتأثير والدها والقرآن في ارتباطها بالعرب

حوار- نهى خورشيد:

نادية نديم تكشف لنبأ العرب عن رحلتها للهروب من طالبان وتأثير والدها والقرآن في ارتباطها بالعرب
نادية نديم تكشف لنبأ العرب عن رحلتها للهروب من طالبان وتأثير والدها والقرآن في ارتباطها بالعرب

في عالم الرياضة النسائية، تواجه النساء تحديات أكبر من الرجال، نتيجة للقيود المجتمعية والمعتقدات الراسخة في بعض الدول، إضافة إلى العادات والتقاليد التي تعتبر مشاركة الفتيات في الأنشطة الرياضية خروجًا عن المألوف، لذلك، تتشابه قصص الكثير من الرياضيات في خطوطها العريضة، حيث تبدأ بالكفاح، ثم المثابرة، لتتوج بالوصول إلى القمة.

تتألق هنا حكاية نادية نديم، التي شهدت طفولتها أوقاتًا عصيبة، بدءًا من فقدان والدها الذي أُعدم على يد طالبان، إلى حياتها القاسية في مخيم اللاجئين في الدنمارك، ورغم ذلك، لم يمنعها ذلك من تحقيق أحلامها.

بينما كانت تطارد حلمها في كرة القدم، كانت تسعى أيضًا لتحقيق حلمها الأكاديمي في الطب، حيث رسمت نادية مسارًا استثنائيًا اختارت من خلاله تمثيل منتخب لا ينتمي إلى جذورها، وخاضت مشوارًا طويلًا لتثبت نفسها داخل المستطيل الأخضر وخارجه.

واليوم، تتربع نادية نديم على قمة النجاحات النسائية العالمية، بعد إدراج اسمها في قائمة فوربس لأقوى النساء في الرياضة الدولية، كما مثلت كبرى الأندية حول العالم.

في هذا اللقاء مع “نبأ العرب” كأول حوار لها مع موقع أو صحيفة عربية، تفتح نادية قلبها لتروي رحلتها الملهمة للجماهير….

وفيما يلي أسئلة الحوار..

في البداية، حدثينا عن بداية حياتك في أفغانستان؟ كيف وصلت بك الظروف إلى مخيم اللاجئين؟ بجانب قصتك مع الكرة؟

أنا وُلدت في أفغانستان، وعندما كنت في الثامنة أو التاسعة من عمري، أعدمت حركة طالبان والدي، وبعدها أصبحت الحياة صعبة جدًا، وكان من المستحيل أن نعيش حياة طبيعية، لذلك قررت والدتي أن تأخذ أطفالها الخمسة وتغادر البلاد بحثًا عن حياة أفضل، وهكذا تم تهريبنا، وبصعوبة بالغة انتهى بنا المطاف في مخيم اللاجئين في الدنمارك.

بدأت حياتي في الدنمارك داخل مخيم للاجئين، وهناك وقعت في غرام كرة القدم، لأن المخيم كان بجوار ملاعب رائعة لكرة القدم، وكطفلة، كنت دائمًا أذهب لأتفرج على الأطفال الآخرين وهم يلعبون خلف الأسوار، وأؤمن بالقدر، حيث دفعني إيماني للتواجد هناك، وأعتقد أن قدري كان مخصصًا لأكون هناك.

وفي أحد الأيام، جمعت شجاعتي وسألت إن كان بإمكاني الانضمام إلى الفريق، ومن تلك اللحظة بدأت حياتي بالفعل، ومنذ ذلك الحين، لازلت ألعب كرة القدم، حيث علمتني الكثير عن نفسي وحياتي اليوم.

“وقت تسجيل الحوار”…أنا الآن أشارك في بطولة اليورو مع المنتخب الدنماركي، لدينا مباراة غداً ضد بولندا، وبالطبع نريد الفوز بها، لكن بالنسبة لي، فإن أهدافي المستقبلية تتجاوز مجرد هذه البطولة.

ما هو هدفك في المستقبل؟ كيف ستكون حياتك بعد الاعتزال؟

أطمح لأن أصبح واحدة من أفضل الأطباء، أو أفضل طبيبة يمكنني أن أكون، وفي عالم كرة القدم، مع اقتراب نهاية مسيرتي كلاعبة، أتمنى أن أعمل في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أو الاتحاد الأوروبي (يويفا)، لنشر كرة القدم، لأنها تستحق أن تصل إلى كل ركن في العالم.

أرغب في أن يحظى الأطفال في الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأمريكا الجنوبية، خاصة الفتيات اللواتي لا تتوفر لهن فرص ممارسة الرياضة، بفرصة ممارسة كرة القدم، لأنها لعبة جميلة، وأداة رائعة للتعليم، ويمكن أن تساعد الكثير من الناس حول العالم.

كيف ساعدتك كرة القدم في مشوارك والحياة؟

لقد ساعدتني كرة القدم في أن أكون على ما أنا عليه اليوم، حيث علمتني كل ما أعرفه، ومنحتني شعورًا بالإنجاز، وإحساسًا بالانتماء، وثقة كبيرة، لذلك أريد أن يتنشر ذلك الشعور.

وأريد أن يتمكن كل الأطفال من الوصول إلى اللعبة، لأنه لم لا؟

ماذا عن مشوارك الكروي والأندية التي لعبت بصفوفها؟ وما هي أكثر مباراة مهمة في مسيرتك؟

لقد كنت محظوظة بأن أحظى بمسيرة رائعة في كرة القدم، فلقد لعبت مع بعض من أفضل الأندية في العالم، مثل باريس سان جيرمان، ومانشستر سيتي، وبورتلاند ثورنز، كما خضت أكثر من 100 مباراة دولية مع المنتخب الدنماركي، شاركت في مباريات كبيرة جدًا.

لكن أعتقد أن إحدى أكثر المباريات التي لا تُنسى بالنسبة لي كانت أول مباراة لي مع المنتخب الوطني، لأنني كنت أول لاعبة في تاريخ المنتخبات الوطنية الدنماركية تمثل الدنمارك رغم أنها ليست دنماركية بالكامل، بل ذات خلفية مختلفة عن الدنماركيين، كان ذلك لحظة فخر كبيرة، لأنها أثبتت أنه بالإصرار والعمل الجاد، يمكنك أن تحقق أي شيء.

وشعرت أنني فتحت الباب أمام الأجيال القادمة، وخاصة لأولئك الذين قد يشبهونني أو يأتون من خلفيات مشابهة، لذلك كانت لحظة مهمة جداً في حياتي، لكن بالطبع، كما تعلمون، الفوز بالدوري الفرنسي، والفوز بالدوري الإنجليزي للسيدات، والدوري الدنماركي، كل هذه كانت مهمة جداً بالنسبة لي، بجانب الوصول إلى نهائيات بطولة أوروبا للسيدات، مع المنتخب الدنماركي، كانت أيضًا من أعظم لحظات مسيرتي الكروية.

كيف تجمعين بين مجال كرة القدم والطب؟

إلى جانب مسيرتي في كرة القدم، أنا أيضاً طبيبة، نعم، أنا طبيبة بشرية، وهذا شيء أفتخر به كثيرًا، وأحب مهنتي بالفعل، أحب التواجد في غرفة العمليات، ومساعدة الناس، وأعتقد أنه من المهم جداً، في عالم أصبح أكثر أنانية يوماً بعد يوم، أن نحافظ على تعاطفنا وإنسانيتنا.

وبالنسبة لي، هناك العديد من الطرق لفعل ذلك، لكن أن تكون طبيبًا أو شخصًا يؤثر في حياة الآخرين، أو ينقذ حياتهم، فهذا عمل يستحق التقدير فعلًا.

ما هي رسالتك في الحياة؟

أشعر أن هذه هي رسالتي في الحياة، ولا أستطيع الانتظار حتى أكرّس نفسي لها بالكامل، وآمل أن أكون في منظمة الأطباء بلا حدود، من يدري، ربما ينتهي بي المطاف في أماكن مثل غزة حيث هم بحاجة إلى مساعدة حقيقية.

من هو أكبر داعم لك في مشوارك؟

أكبر داعم لي دائمًا كانت عائلتي، وبشكل خاص لدي أم رائعة، والدتي هي من منحتني الحرية لأكون ما أريد أن أكونه، رغم أننا نشأنا في ثقافة ودين وتقاليد لا يُتوقَّع من الفتيات الأفغانيات أن يفعلن ما فعلته أنا، فإن والدتي كانت تقول لي دائماً: “طالما أنكِ سعيدة، وطالما أنكِ تواصلين تعليمك، يمكنكِ أن تفعلي ما تشائين”.

أنا ممتنة جداً لأنني حظيت بأم مثلها، متعلمة ومستنيرة، وكانت رائدة في مجالها، من حيث طريقتها في رؤية العالم، لذلك، أستطيع أن أقول إن والدتي كانت أكبر داعم لي، للأسف لما تعد موجودة في حياتي، توفيت فجأة قبل عامين، لذلك كل ما أفعله حتى هذه اللحظة هو تكريمي لها ولجعلها فخورة دائماً.

حدثينا عن أهمية العائلة في حياتك؟

أنا امرأة شرق أوسطية ومسلمة، لذا فالعائلة وكبار السن في حياتنا لهم مكانة كبيرة، وأهمية كبيرة في حياتي، أنا قريبة جداً من عائلتي، كل ما أفعله، أفعله من أجل عائلتي، ونحن نحاول دائمًا أن نقوم بأشياء تساعد الآخرين، كل ما نقوم به معًا والهدف هو أن نتمكن يوماً ما، إن شاء الله، من مساعدة المحتاجين، نفعل ذلك الآن، لكن أريد أن يكون على نطاق أوسع، لذلك أنا شخص عائلي بنسبة 100%.

ما هي أكثر لحظة مؤثرة في مشوارك؟

أكثر لحظة مؤثرة في حياتي، من الصعب تحديد لحظة واحدة فقط، لأنني مررت بالكثير من اللحظات المهمة، لكن أعتقد أن اللحظة التي تبرز في ذهني دائماً هي عندما تعرفت على كرة القدم لأول مرة في مخيم للاجئين، أظن أن تلك كانت اللحظة التي غيّرت حياتي للأفضل، ولهذا السبب أتحدث دائمًا عن قوة الرياضة، حيث لا تقتصر على تعليمك ما يدور حولك، بل تُعلّمك أيضًا عن نفسك، وتساعدك على النمو وتصبح أفضل نسخة من نفسك.

لذلك أعتقد أن ذلك اليوم، عندما سمح للفتيات بلعب كرة القدم، كان اليوم الذي تغيرت فيه حياتي إلى الأفضل.

ما هي أكلتك المفضلة؟

أنا أحب جميع أنواع الطعام، لكنني أعشق بشكل خاص الطعام التايلاندي، والطعام الهندي، والطعام الشرق أوسطي والعربي، أحب الحمص، وأحب اللحوم، وأعتقد أن العرب بارعون جداً في طهي اللحوم، لذا، نعم، العرب من هذه الناحية رائعون بالنسبة لي.

هل هناك تشابه بين الثقافة العربية والأفغانية؟

أعتقد أن هناك الكثير من أوجه التشابه بين الثقافة العربية والثقافة الأفغانية، ولهذا أشعر أن الكثير منها مألوف بالنسبة لي، وأشعر بقرب كبير منهما، وكأنني في وطني من هذا المنطلق بالتأكيد.

ما هي معلوماتك عن الثقافة العربية والمصرية؟

فيما يتعلق بالثقافة المصرية والثقافة العربية، فأنا أعرف الكثير عن كرة القدم المصرية، وبالطبع، الجميع يتحدث عن محمد صلاح، أعتقد أنه أسطورة في مجاله، وما فعله من أجل كرة القدم أمر مذهل، كما أن الطريقة التي جعل بها اسم مصر، وربما العالم العربي، حاضراً على الساحة العالمية أمر رائع، إنه يمثل منطقتنا وثقافتنا العربية بشكل قوي جدًا.

وبصراحة، ربما بسبب القرآن الكريم، أشعر بارتباط عميق بالعالم العربي، أحب الطعام العربي، وأستمع إلى الموسيقى العربية رغم أنني لا أفهم كل الكلمات، لكن هناك كلمات معينة أحبها جدًا، مثل: حبيبتي، حياتي، قلبي… وهي كلمات أستخدمها كثيراً في حياتي اليومية.

هل زرت مصر من قبل؟

لم أزر مصر أبداً، وأتمنى أن أزورها، لكن كانت رحلة أمي رحمها الله الأخيرة إلى مصر لرؤية الأهرامات، استمتعت كثيراً خلالها، ولو أتيحت لي فرصة سأزورها قريباً.

ما هي رسالتك للاعبات كرة القدم؟

وأخيرًا، رسالتي إلى جميع لاعبي ولاعبات كرة القدم في مصر، وخاصة الفتيات، أود أن أقول إن الطريق ليس سهلاً دائماً، لأن هناك الكثير من العقبات التي تواجهنا طوال الوقت، وهناك الكثير من الناس يحاولون أن يُملون عليكِ ما يجب أن تفعليه وما لا يجب عليك فعله، وفي الوقت الحالي، قد لا تكون كرة القدم أولوية في كثير من دول منطقتنا، صدقوني، أنا أعلم ذلك جيداً عن الثقافة، والعادات، وأحيانًا يُستخدم الدين كذريعة، وهو أمر لا أوافق عليه.

لكنني أقول لكل فتاة استمروا في العمل وواصلي طريقك، وواصلي الإيمان بنفسك، وحافظي على أحلامك الكبيرة، واعملي بجد، لأن كل تلك العقول المؤمنة بقدراتها ستكون لا تقهر، وستتمكنون من تحقيق الكثير من الإنجازات الرائعة في الحياة، لذا بالتوفيق، واصلي تجاوز الحدود، وسأشجعكم دائماً.