476 مليون شخص حول العالم: اكتشف حقائق مذهلة عن الشعوب الأصلية على كوكبنا

بي بي سي.

476 مليون شخص حول العالم: اكتشف حقائق مذهلة عن الشعوب الأصلية على كوكبنا
476 مليون شخص حول العالم: اكتشف حقائق مذهلة عن الشعوب الأصلية على كوكبنا

في 23 ديسمبر/كانون الأول من عام 1994، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي للشعوب الأصلية، والذي يُحتفل به في 9 أغسطس/آب من كل عام، ويُعتبر هذا التاريخ تكريماً لأول اجتماع لمجموعة الأمم المتحدة المعنية بالشعوب الأصلية، الذي عُقد في جنيف عام 1982، وذلك وفقًا لموقع منظمة اليونسكو.

أما بالنسبة للمناسبات الخاصة بالسكان الأصليين، فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1990 أن عام 1993 هو عام دولي للشعوب الأصلية، ولاحقاً، أُعلن عن عقدين دوليين للسكان الأصليين، حيث امتد العقد الأول من عام 1995 إلى عام 2005، بينما امتد العقد الثاني من عام 2005 إلى عام 2015، وكان الهدف من هذين العقدين هو تعزيز التعاون الدولي لحل المشاكل التي تواجه السكان الأصليين في مجالات متعددة مثل حقوق الإنسان، والبيئة، والتنمية، والتعليم، والصحة، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

كما شهد عام 2022 بداية عقد جديد للسكان الأصليين للاحتفاء بلغات الشعوب الأصلية، وذلك بعد إعلان سنة 2019 كسنة دولية للغات الشعوب الأصلية، حيث يُستخدم حوالي 7 آلاف لغة في جميع أنحاء العالم، ويُعتبر 40 بالمئة منها مهددة بشكل أو بآخر، ولغات السكان الأصليين بشكل خاص تواجه خطر الانقراض، حيث إن العديد منها لا يُدرس في المدارس، ولا يُستخدم في المجال العام.

مصطلح “الشعوب الأصلية”.

1_1_11zon

يفهم مصطلح “الشعوب الأصلية” في سياق اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169 لعام 1989 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة على أنه يعني “الشعوب الأصلية في البلدان المستقلة هي التي تنحدر من سكان كانوا يقطنون البلاد أو منطقة جغرافية تابعة لها في وقت الغزو أو الاستعمار أو عند وضع حدود الدولة الحالية، وهذه الشعوب تحتفظ، بغض النظر عن وضعها القانوني، ببعض أو كل مؤسساتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الخاصة بها”.

أما “الشعوب القبلية في البلدان المستقلة”، فهي تلك التي تتميز أوضاعها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية عن غيرها من فئات المجتمع الوطني، وتُحدد وضعها كلياً أو جزئياً وفقاً لعاداتها أو تقاليدها أو بموجب قوانين أو لوائح خاصة.

ويعتبر النهج الأكثر فاعلية هو تحديد الشعوب الأصلية استناداً إلى المعيار الأساسي المتمثل في التعريف الذاتي كما ورد في عدد من وثائق حقوق الإنسان، بدلاً من محاولة وضع تعريف دقيق لها.

ولم يُعتمد حتى الآن تعريف رسمي للشعوب الأصلية من قبل أي هيئة تابعة للأمم المتحدة، ووفقاً للمنتدى الدائم المعني بقضايا الشعوب الأصلية في الأمم المتحدة، فقد تطور فهم معاصر لهذا المصطلح يعتمد على عدة نقاط منها:

  • التعريف الذاتي كأفراد من الشعوب الأصلية، وقبول المجتمع لهم كأعضاء فيه
  • الاستمرارية التاريخية مع المجتمعات السابقة للاستعمار أو الاستيطان
  • الروابط الوثيقة بالأراضي والموارد الطبيعية المحيطة
  • أنظمة اجتماعية واقتصادية وسياسية مميزة
  • لغة وثقافة ومعتقدات مميزة
  • تشكيل مجموعات غير مهيمنة في المجتمع
  • العزم على الحفاظ على بيئاتهم وأنظمتهم الموروثة وإعادة إنتاجها كشعوب ومجتمعات متميزة

ويعد مصطلح “الشعوب الأصلية” مصطلحاً عاماً، لكن في بعض الدول تُستخدم مصطلحات بديلة مثل “الشعوب الأولى”، أو “الأمم الأولى”، أو “السكان الأصليين”، أو “الجماعات العرقية” وغيرها.

2_2_11zon

يقول موقع الأمم المتحدة إن هناك حوالي 476 مليون شخص من الشعوب الأصلية حول العالم، الذين تختلف ثقافاتهم وأديانهم وأنماط تنظيمهم الاجتماعي والاقتصادي اختلافاً بارزاً، ويعيش كثير منهم في أكثر من 90 بلداً تمتد من المناطق القطبية إلى الأمازون وأستراليا.

وعلى الرغم من أنهم يمثلون أقل من 6 في المئة من سكان العالم، إلا أنهم يمثلون ما لا يقل عن 15 في المئة من أفقر السكان، وهم يتحدثون الغالبية العظمى من اللغات الـ 7 آلاف المعروفة في العالم، ويمثلون نحو 5 آلاف ثقافة مختلفة.

الشعوب الأصلية هم ورثة وممارسون لثقافات فريدة وطرق متميزة في التعامل مع الناس والبيئة، وقد حافظوا على خصائص اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية تميزهم عن المجتمعات المهيمنة التي يعيشون ضمنها، وعلى الرغم من اختلافاتهم الثقافية، فإن الشعوب الأصلية حول العالم تتشارك في مشكلات شائعة تتعلق بحماية حقوقهم كشعوب متميزة.

لقد سعت الشعوب الأصلية لسنوات طويلة إلى الاعتراف بهوياتها، وأنماط حياتها وحقها في الأراضي التقليدية والمناطق والموارد الطبيعية، ومع ذلك، فقد تم انتهاك حقوقهم عبر التاريخ.

ومن أبرز الشعوب الأصلية في العالم، شعوب الأمازون في أمريكا الجنوبية، والماوري في نيوزيلندا، والأبوريجين في أستراليا، والتبو والطوارق والأمازيغ في شمال أفريقيا، وكل من هذه الشعوب له تاريخ طويل من النضال من أجل الحفاظ على لغته وثقافته وأرضه.

الذكاء الاصطناعي.

3_3_11zon

تتغير المواضيع السنوية التي يُحتفل بها خلال اليوم العالمي للشعوب الأصلية، ففي عام 2023، كان الموضوع هو “الشعوب الأصلية والصحة”، بينما ركز عام 2024 على “تمكين الشباب من الشعوب الأصلية كعوامل للتغيير الذاتي والمجتمعي”، أما موضوع عام 2025 فهو “الشعوب الأصلية والذكاء الاصطناعي: الدفاع عن الحقوق، وتشكيل المستقبل”

هذا الموضوع يبرز الفرص والمخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي للشعوب الأصلية، مسلطاً الضوء على أهمية مشاركتهم الفعّالة لضمان تطوير هذه التقنية بطريقة عادلة وشاملة، تحمي حقوقهم وتعزز سيادتهم الثقافية.

يشهد العالم تحولات متسارعة بفعل الذكاء الاصطناعي، وهو ما يشكل في آنٍ واحد فرصة وتحدياً للشعوب الأصلية، فعلى الرغم مما يتيحه ذلك من سبل لإحياء التراث الثقافي، وتمكين الشباب، إلا أن هذه التحولات كثيراً ما تُرسخ الصور النمطية، والإقصاء، وتحريف صورة الشعوب الأصلية.

غالباً ما تُصمم نماذج الذكاء الاصطناعي من دون إشراك الشعوب الأصلية، مما يهدد بإساءة استخدام بياناتها، ويُضاف إلى ذلك خطر بناء مراكز بيانات ضخمة في مواطنها، وما يترتب عليه من آثار على أراضيها ومواردها الطبيعية ونظمها البيئية، وتُعد هذه المسألة إشكالاً مستجداً يتضافر مع العراقيل القائمة في سبل الوصول إلى التقنية، خاصة في المناطق الريفية، مما يقلص قدرة الشعوب الأصلية على المشاركة في العمليات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

تحديات.

4_4_11zon

تشير منظمة العفو الدولية إلى وجود أكثر من 5 آلاف شعب من الشعوب الأصلية المختلفة حول العالم، الذين يواجهون الطرد من أراضي أجدادهم التي سكنوها منذ أجيال، فضلاً عن تقييد الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والسكن، كما يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان للسكان الأصليين للترهيب، والهجوم، بل والقتل أحياناً، بدعم من الدولة في كثير من الأحيان.

وتضيف العفو الدولية أن السكان الأصليين أكثر عرضة للعيش في فقر مدقع، وهم يعانون من معدلات أعلى من عدم امتلاك الأراضي وسوء التغذية والنزوح الداخلي مقارنة بالفئات الأخرى، وغالباً ما يحتل السكان الأصليون المرتبة الأولى في الأعداد بين نزلاء السجون، وفي ما يخص الأمية والبطالة، في حين أن متوسط العمر المتوقع لأفراد الشعوب الأصلية أقل بما يصل إلى 20 عاماً مقارنةً بالسكان غير الأصليين.

وهكذا، تعتبر الشعوب الأصلية اليوم من بين أكثر الفئات حرماناً وتعرضاً للمخاطر في العالم، وقد أصبح المجتمع الدولي يقرّ الآن بأن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير خاصة لحماية حقوقهم، والحفاظ على ثقافاتهم المميزة وأنماط حياتهم الخاصة.

في هذا الإطار، أعلنت الأمم المتحدة عام 1993 عاماً دولياً للشعوب الأصلية، ومن ثم اعتمدت إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية في عام 2007، الذي مثّل إنجازاً تاريخياً يقر بحق الشعوب الأصلية في تقرير المصير، والحفاظ على أراضيها، وممارسة ثقافتها، والتحدث بلغتها، وتمثيل نفسها سياسياً.

شاركت منظمات دولية كبرى في إحياء هذا اليوم، مثل اليونسكو، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ومنظمة العمل الدولية، وكلها تعمل على تطوير برامج خاصة بدعم الشعوب الأصلية في مجالات الصحة والتعليم والزراعة وحماية الحقوق الثقافية.

على سبيل المثال، تشير منظمة الفاو إلى أن الشعوب الأصلية تمثل حماة مهمين للغابات والنظم البيئية الهشة، حيث تدير مجتمعاتهم أكثر من 28 بالمئة من سطح الأرض، ويُعتبر أسلوب حياتهم أكثر استدامة بيئياً مقارنة بالمجتمعات الصناعية.

5_5_11zon

من الناحية القانونية، تعمل العديد من الدول على إدماج حقوق الشعوب الأصلية في دساتيرها وتشريعاتها، إلا أن التطبيق العملي لهذه الحقوق لا يزال بطيئاً، حيث تواجه الشعوب الأصلية في كثير من الدول قيوداً على حرية التعبير، أو تواجه تهديدات إذا طالبت بحقوقها في الأراضي أو الموارد.

تلعب وسائل الإعلام دوراً كبيراً في إظهار قضايا الشعوب الأصلية، سواء من خلال إنتاج الأفلام الوثائقية، أو دعم الصحافة المجتمعية، أو تسليط الضوء على القادة والناشطين الذين يمثلون هذه المجتمعات، وقد أسهمت هذه التغطيات في كشف الانتهاكات البيئية أو القمع الأمني الذي يطال السكان الأصليين في بعض الدول.

الاعتراف بالشعوب الأصلية لا يعني فقط تقديم الدعم الاقتصادي، بل يتطلب الاعتراف بهويتهم التاريخية، واحترام سيادتهم الثقافية، وحقهم في المشاركة في اتخاذ القرار، وإشراكهم في خطط التنمية، وليس فقط إدماجهم كمجرد “أقليات”.

يمثل اليوم العالمي للشعوب الأصلية تذكيراً سنوياً بالمسؤولية الجماعية تجاه حماية المجتمعات الأصلية وحقوقها، فدعم هذه الشعوب لا يعزز فقط العدالة التاريخية، بل يسهم في الحفاظ على التنوع الثقافي والبيئي والإنساني لكوكب الأرض.