كشف الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، عن الجذور التاريخية والسياسية لفكرة “إسرائيل الكبرى”، خلال حواره عبر قناة “إكسترا نيوز”، حيث أوضح أن هذه الفكرة ليست جديدة، بل تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، عندما أسست الحركة الصهيونية في عام 1897 خلال مؤتمرها الأول في سويسرا.

اقرأ كمان: انطلاق المعرض العام للفنون التشكيلية اليوم بمشاركة 326 فناناً مبدعاً
وأضاف أن الفكرة بدأت تتشكل قبل ذلك بسنتين، عندما نشر ثيودور هرتسل كتابه “الدولة” في عام 1895، الذي تناول فيه إقامة دولة لليهود دون تحديد جغرافي دقيق، مع التركيز على الجوانب المالية والاقتصادية التي كانت تؤثر على أوضاع اليهود في أوروبا في تلك الفترة.
وأشار الرقب إلى أن الحركة الصهيونية استغلت العامل الديني لجذب اليهود، حيث روجت لفكرة “أرض الميعاد” و”أرض اللبن والعسل”، مستحضرة صورًا دينية مثل شجرة الجميز التي تنتج سبع مرات، مما جعل الفكرة أكثر جاذبية.
مقال له علاقة: 37 ساعة في السماء.. تجربة طيارين قاذفات “الشبح” خلال الغارة على المنشآت النووية الإيرانية
وتابع أن هذه الرؤية تطورت تدريجيًا حتى أُسست دولة إسرائيل عام 1948، بعد أكثر من خمسين عامًا من كتاب هرتسل وقرار تقسيم فلسطين، حيث أكد أن الوجهة لم تكن فلسطين بالضرورة في البداية، إذ كانت الأرجنتين وأوغندا والعراق من بين الخيارات المطروحة، لكن الأوروبيين، الذين كانوا يرغبون في إبعاد اليهود عن أراضيهم، ساهموا في توجيه الاختيار نحو فلسطين.
وأضاف الرقب أن فكرة إقامة كيان يهودي في المنطقة سبقت الحركة الصهيونية، مشيرًا إلى تصريحات نابليون بونابرت في عام 1790، الذي دعا إلى وجود اليهود في المنطقة عندما واجه مقاومة أهل عكا بقيادة أحمد باشا الجزار، مما يعكس عمق الفكرة عبر التاريخ.
وأوضح أن التنافس الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا عزز هذه الفكرة، حيث بنت الحركة الصهيونية علاقات سرية مع ألمانيا وبريطانيا وفرنسا لتحقيق مصالحها، مما ساعد في تعزيز وجودها في المنطقة.
وتابع أن وعد بلفور في عام 1917 كان نقطة تحول، إذ مهد لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، تلاه الانتداب البريطاني في عام 1922، الذي سهّل نقل اليهود إلى المنطقة، مما ساهم في زيادة التوترات.
وأكد الرقب أن مفهوم “إسرائيل الكبرى” تجسد لاحقًا في رؤية زئيف جابوتنسكي عام 1933، الذي دعا إلى إنشاء دولة قوية تحميها “جدار الحديد”، مع التركيز على بناء سلام مع الجيران وليس مع السكان الأصليين، مما يعكس استراتيجياتهم المستقبلية.
وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تبنى هذه الفلسفة بشكل علني، حيث أعلن في صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن حلمه بـ”إسرائيل الكبرى”، مستندًا إلى خريطة عرضها في الكنيست تشمل أراضي من دول عربية عدة، مما يعكس طموحات الحكومة الحالية.
وأضاف أن نتنياهو تحدث في الأمم المتحدة عام 2023 عن “الشرق الأوسط الجديد”، مرفقًا خريطة قناة بن غوريون التي تطمح إلى تمدد إسرائيلي يشمل دولًا عربية، في محاولة لمنافسة مشروع طريق الحرير الصيني، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.
وأكد الرقب على أن تصريحات نتنياهو الأخيرة تعكس استمرارية الفكر الصهيوني الذي بدأ مع هرتسل وجابوتنسكي، لكنها أصبحت الآن أكثر وضوحًا وعلنية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل المنطقة.