حوار- عمرو صالح:

شوف كمان: تفاصيل مثيرة حول انفجار مؤخرة رأس حفيد نوال الدجوي في تقرير الطب الشرعي
تصوير- أحمد مسعد:
كشف الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، كيف كانت أحداث 7 أكتوبر فرصةً ذهبيةً لإسرائيل لتوسيع نطاقها الجغرافي وفرض سيطرتها على أراضٍ جديدة خارج حدودها، حيث أوضح حمزاوي خلال حواره مع “نبأ العرب” أن حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي استغلت أحداث 7 أكتوبر التي نفذتها حركة حماس في شن حرب موسعة على قطاع غزة وتحويله إلى منطقة غير صالحة للحياة، من خلال تعمُّد الجيش الإسرائيلي ضرب البنية التحتية للقطاع وقتل وتجويع المدنيين، كرد فعل على ما ارتكبته “حماس” من جرائم قتل وخطف ضد المدنيين الإسرائيليين في 7 أكتوبر.
وأشار حمزاوي إلى أن حل الدولتَين يتوقف على مخاطبة الشعب الإسرائيلي وليس حكومته، وإقناعه بأن السلام الشامل يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.. وإلى نص الحوار.
– لماذا وقعت أحداث 7 أكتوبر 2023؟
من المؤكد أن هناك أسبابًا عديدة أدَّت إلى اندلاع أحداث 7 أكتوبر 2023، أبرزها توسع رقعة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، حيث عمدت حكومة نتنياهو خلال السنوات الأخيرة إلى فرض حصار مستمر على قطاع غزة وزيادة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس، ومحاولة القضاء على فكرة حل الدولتَين، وذلك وسط تطبيع كلي بين بعض الدول العربية مع إسرائيل، رغم الانتهاكات التي يمارسها الكيان علنًا وأمام مرمى العالم ضد الشعب الفلسطيني، كل هذه الأمور تعد أسبابًا رئيسية في اندلاع أحداث 7 أكتوبر 2023، ولكن دعني أؤكد أن “حماس” ارتكبت جرائم إبادة في 7 أكتوبر، تتمثل في اختطاف وقتل المدنيين العزل، وتسببت في تعريض أهالي غزة لجرائم قتل وتجويع وإبادة من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي جاءت ردًّا على ما قامت به “حماس”، فكان يجب على “حماس” مراعاة المدنيين والمحافظة على حياتهم وعدم الخلط بين مفهوم المقاومة وتعرض حياة المدنيين للخطر، فالمقاومة حق مشروع لأي شعب محتل، لكن مع الحفاظ على الأرواح المدنية.
– كيف تابعت رد الفعل الإسرائيلي؟
ما قامت به “حماس” في 7 أكتوبر 2023 كان فرصةً على “طبق من فضة” بالنسبة إلى إسرائيل، حيث عمدت حكومة اليمين المتطرف إلى خلق بيئة طاردة للحياة من خلال قطع الماء والكهرباء وفرض حصار على أهالي القطاع، وإجبارهم على مغادرة أراضيهم كمحاولة لتصفية القضية، ولولا بطولة الشعب الفلسطيني وصموده لكان حدث ذلك بالفعل، كما كانت 7 أكتوبر فرصة لحكومة نتنياهو للعمل على السيطرة على المشهد الإسرائيلي بتصعيد الحرب لجبهات عديدة، وشاهدنا ذلك أمام أعيننا بضرب قوات الاحتلال للبنان، وتحرك الآليات العسكرية الإسرائيلية إلى الأراضي السورية بعد سقوط بشار الأسد، بحجة تأمين حدودها، فضلًا عن شنها حربًا على إيران وحلفائها الحوثيين وحزب الله، بدعم أمريكي، بهدف خلق قوى إسرائيلية مهيمنة بالشرق الأوسط، تستطيع تنفيذ ما يحلم به الكيان، وهو السيطرة على غزة والقدس والضفة الغربية بشكل كامل.
فحكومة نتنياهو تعد من أكثر الحكومات المتطرفة التي حكمت إسرائيل، وفي عهده أصبحت دولة إسرائيل رقم 1 في اختراق القانون الدولي، وهنا أثني على مقاومة الشعب الفلسطيني وصموده أمام جرائم حكومة اليمين المتطرف، وصموده ضدها طوال هذه الفترة.
– من وجهة نظرك؛ لماذا لم يتم توقيع اتفاقية لوقف الحرب بشكل نهائي حتى الآن؟
استمرار الحرب حتى الآن يرجع إلى عدم وجود جدية من طرفَيها في وقف إطلاق النار، بمعنى أنه حال وقف الحرب وتوقيع اتفاقية سلام، من المؤكد أن حكومة بنيامين نتنياهو ستكون مقالة وخارج المشهد السياسي في الداخل الإسرائيلي، باعتبارها المسؤول الأول عما شهدته بلادهم خلال العامَين الماضيَين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حركة حماس، فبعد حالة الدمار التي حلَّت على قطاع غزة بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، لن تكون “حماس” مسيطرة ومهيمنة على القطاع كما كانت قبل الحرب، وسيتراجع دورها في مسألة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
– كيف تابعت إعلان مصر خطتها لإعمار غزة؟
في واقع الأمر، مبادرة مصر لإعادة إعمار غزة المنتظر تنفيذها فور وقف الحرب مهمة وجيدة للغاية، وجاءت في توقيت مناسب، وردت على آراء الحكومة الأمريكية التي كانت ترى أن حل الصراع هو التهجير القسري والطوعي للفلسطينيين من أراضيهم، والتنسيق العربي في دخول شركاء لتنفيذها كان نقطة في غاية الأهمية وتعزيز كبير لفكرة المبادرة.
– من وجهة نظرك؛ مَن الخاسر في حرب غزة؟
بكل أسف، إسرائيل استطاعت أن تحقق عدة مكاسب استراتيجية خلال حرب غزة، حيث استطاعت أن تحول القطاع إلى منطقة غير صالحة لأبسط مقومات الحياة الآدمية، بعد أن شنت عملية عسكرية استهدفت تدمير البنية التحتية ومرافق المياه والكهرباء وقتل عمدي للمدنيين وإثارة فكرة تهجير الفلسطينيين وطردهم خارج القطاع، وذلك في ظل حصار شامل للقطاع ومنع دخول أية مساعدات، فضلًا عن نجاحها في شن حرب ضد وكلاء إيران بالمنطقة (حزب الله- الحوثيين- نظام بشار الأسد) وهزيمتهم، وتوجيه رسالة إلى دول المنطقة بأنها قوة عسكرية واستخباراتية كبيرة ولا تقهر.
– ذكرت حرب إيران.. هل أثرت على مشروعها النووي؟
نعم، المشروع النووي تراجع سنوات للخلف، بسبب تعمد إسرائيل قتل أهم علماء المشروع المهمين بالنسبة إلى إيران، وتدمير المناطق النووية في أيام قليلة، فضلًا عن اغتيالها عددًا من القامات العسكرية الإيرانية التي كان من المنتظر أن يلحق بهم المرشد الإيراني، لولا التدخل الأمريكي الذي أوقف قرار اغتياله لعدم تصعيد الموقف.
مقال له علاقة: البشندي.. كيف تحولت قرية منسية في الصحراء إلى رمز عالمي في فنون صناعة السجاد
– كيف تابعت سقوط بشار الأسد؟
سقوط نظام بشار الأسد كان عملية استخباراتية تركية بدعم وموافقة أمريكية- إسرائيلية، حيث وافقت الثلاث على أن نظام الأسد وقته انتهى ووجب سقوطه، وأؤكد لك أن تركيا هي المسؤول الأول عن خطة تقسيم سوريا، وحظت على دعم أمريكي وإسرائيلي قبل عملية تدمير الجيش السوري ووقوع نظام الأسد.
– من وجهة نظرك.. سوريا إلى أين؟
مَن يحكم سوريا حاليًّا هو مجموعة من الميليشيات المتطرفة والإرهابيين بقيادة الجولاني، صاحب التاريخ الأسود في جرائم القتل والإرهاب، ومن المرجح أنه سيفشل في الحكم، نظرًا لأن المجتمع السوري متعدد الطوائف والمذاهب، وأسلوب القوة لن يكون أداة لفرض السيطرة عليه، “فالجولاني سيسعى الفترة الجاية لأن ينفذ أي إملاءات خارجية تفرض عليه نظير بقائه في الحكم”، فضلًا عن أن سوريا دولة محورية ولها طابع جغرافي مميز في المنطقة، وكانت عرضة للمطامع الإسرائيلية منذ فترات، والدليل على ذلك أنه بمجرد سقوط الجيش السوري شهدنا زحف الجيش الإسرائيلي على الأراضي السورية بـ250 كليومترًا تجاوزًا للمنطقة منزوعة السلاح بين البلدَين.
– هل من الممكن أن تستطيع إسرائيل تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد؟
إسرائيل لديها حلم بأن يكون هناك شرق أوسط مفتت ومقسم، ويحول إلى دويلات تحكمها حكومات مفتتة ومنقسمة وصغيرة لا تملك القوة، وذلك لا يمكن أن يحدث سواء عسكريًّا أو إقناعيًّا، لأن الحكومة الإسرائيلية الحالية أصبحت من وجهة العالم بأكمله حكومة دموية ولا ترغب في أي سلام أو استقرار، وظهر ذلك خلال رد فعل بعض الدول العربية التي كانت قد طبعت مع الحكومة الإسرائيلية في السنوات الماضية، والتي ترى حاليًّا أن نتنياهو مجرم حرب وعنصر عدم استقرار في المنطقة، فالحديث عن مشروع شرق أوسط جديد في ظل انتهاكات الحكومة الإسرائيلية وجرائمها ضد سكان قطاع غزة “خيال واسع”، ولكن يستوجب وقفه من خلال إطلاق مبادرات دولية ضد سباق التسلح وضد انتشار أسلحة الدمار الشامل مع الدولة الفلسطينية.
– من وجهة نظرك..كيف نستطيع إقامة دولة فلسطينية؟
في حقيقة الأمر سؤال في غاية الأهمية، إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية تتطلب مخاطبة الشعب الإسرائيلي ذاته وليس الحكومة، وإقناعه بأن حكومته ترتكب جرائم إبادة وقتل ضد مدنيين أبرياء، ضد أهالي قطاع غزة، ولن تجدي سوى خلق جيل فلسطيني يحلم بالانتقام، الأمر الذي سينعكس بشكل سلبي على أمن المواطن الإسرائيلي في الداخل والخارج، خصوصًا في ظل تغير موقف بعض الدول التي كانت متعاطفة مع إسرائيل بعد أحداث 7 أكتوبر، إلى اتهام الحكومة الإسرائيلية بأنها مجرمة حرب، وإقناع الشعب الإسرائيلي بأنه مهما كان التطبيع العربي الذي تم مؤخرًا مع حكومته، لن يحقق أي سلام بل سيكون حبرًا على ورق، والتأكيد أن الأمن الحقيقي للمواطن الإسرائيلي يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
– كيف تابعت تحركات مصر الدبلوماسية خلال العامين الماضيين بشأن حرب غزة؟
الدبلوماسية المصرية تعاملت باحترافية ممتازة خلال الفترة الماضية، حيث نجحت في إيقاف مخطط تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار لعدد من المرات، وذلك يرجع إلى الحنكة السياسية التي تعاملت بها منذ اليوم الأول للأزمة، ونجاحها في إيصال رسالة إلى العالم بأكمله بأن تهجير الفلسطينيين أمر غير مقبول، وأن حل الصراع يتوقف على حل الدولتَين، وإعادة إعمار قطاع غزة، ونزع أسلحة الدمار الشامل من الشرق الأوسط بشكل كامل.
– كيف ترى تعاملات مصر مع سد النهضة؟
في واقع الأمر، حل أزمة سد النهضة يكمن في ثبات الموقف المصري من حصتنا في المياه وعدم التفريط فيه، واستمرار المساعي الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق دولتَي المصب في المياه، وذلك من خلال توسيع شبكة العلاقات مع دول حوض النيل والدول الكبرى للضغط على الحكومة الإثيوبية وإنهاء التعنت الإثيوبي ووقف القرارات الأحادية التي تتخذها الحكومة الإثيوبية، والوصول إلى اتفاق ملزم سواء ثنائي أو ثلاثي يضمن حقوق مصر المائية، خصوصًا بعد تدخل الدبلوماسية الأمريكية في الأمر وتأييدها الموقف المصري.