هل استطاع الصاهود كسر الجمود؟ - نبأ العرب

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل استطاع الصاهود كسر الجمود؟ - نبأ العرب, اليوم الخميس 28 نوفمبر 2024 08:42 صباحاً

يبدو جليا أن محاولات الإنسان في سبيل نقل ما يواجه في حياته اليومية منذ البدايات هي محاولات إبداعية للتعبير عن تجاربه الإنسانية وعواطفه وأفكاره التي قد تكون غامضة أو مستترة بينه وبين لغته الأدبية التي تقربه إلى تصوير التجارب الإنسانية المشتركة، مثل الحب، الحرب، الانتصار والخسارة.

في هذا السياق يعتبر الأدب نافذة الأرواح وسبيلا للمجتمعات تتنفس ثقافتها وقيمها وتكتب تجاربها.

هذه الأيام هي فترة ومرحلة زمنية تمر بنا وتنحت في أجسامنا كل ما هو تقني حداثي ساحوت لذاكرتنا اليومية المتعلقة بالإرث الثقافي والذائقة الفنية الأدبية، حتى أصبحنا عاجزين عن حفظ وتذكر وفهم الكلام اللغوي الرزين الذي يحمل وزنا عالميا لا يستطيع فهمه غير المتخصص أو المتذوق في لغة الشعر والأدب، أو النحاة وحفاظ الحديث والقرآن الكريم لغة وتفسيرا وقراءة وتدبيرا.

يأتي اليوم بعض من متذوقي الأدب والشعر بشكل لامع على منصات التواصل الاجتماعي في مقدمتهم الأستاذ حمود الصاهود الذي كان له دور استثنائي في إحياء جمهور الأدب، من خلال حكاياته وسردياته وتأثيره على مستوى جيله والمشهد الثقافي بشكل عام.

فهو يعتبر من وجهة نظري كمتذوق بطل الحكاية الأدبية الشعرية أسلوبا ونقلا لا يمل منه السامع حتى يسري في مجامعه ومسامعه من كلام بديع وذوق رفيع عن تراث الأدب العربي.

فقد استطاع أن يروي ويلقي بحبكته الفنية ودلاليته وطرحه الفكري المتزن شيئا أيقظ من خلاله تراث وموروث أمة العرب.

كيف لا ومن بطن هذه الأرض العظيمة أُنجب عظماء تركوا لأحفادهم إرثا من الفن والجمال ومدارس من التجارب ملؤها القيم العربية العريقة الأصيلة التي لا يستطيع أن ينكرها إلا جاهل متربص بتاريخ الجزيرة العربية، قد أشهر سلاحه لإطفاء نور الحقيقة في وجه تراث الأمة العربية والإسلامية، ليس لأنها وجهة نظر فنية نقدية علمية بل العكس تماما، لأنها فقط وجهة نظر بدأت من أرض عربية لها ارتباط وثيق بقبائل سعودية ليس لها حق بفخر ما ورثوه ودونوه أجدادهم من خلال ما وجدوه من شواهد في معلقاتهم ونقوش في صخور أوديتهم وأعالي جبالهم، وفي قصور وممالك وحضارات قديمة وحتى في وسط صحرائها الأبية. إنها السياسة قاتل الله السياسة حينما يغيبها العقل ويظهر من خلالها الجهل المركب.

من هنا أحب أن أطلق على ما قام بها الصاهود "الحمى الصاهودية" التي نقلت لنا شعرا بديعا استطاعت من خلاله أن تحرك كل ساكن من نظرائه العرب لكي يستيقظوا من جديد لنقل كل مفيد، ولسان حالهم يقول رب حمّى أحيت أمة كحال مالئ الدنيا وشاغل الناس المتنبي حينما قال:

وزائرتي كأن بها حياء
فليس تزور إلا في الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا
وعافتها وباتت في عظامي

أليس ذلك ضربا من الجنون الإبداعي حينما يمرض شاعر يقول شعرا وكلاما جميلا بالغ الأثر حتى يومنا هذا.

مجنون ليلى من الرموز الذين نقلت روايتهم وأصبح مزارا ثقافيا حتى بلاد السند والهند، بل ورمزا في بلاد الغرب ناهيك عن بدايته ومسرح جنونه الذي ابتدأه من وسط صحراء عربية موطنها الآن في المملكة العربية السعودية.

كل هذا وذاك ليس إلا بعضا من تجارب إنسانية لحياة العرب بين كرِّهم، وفرِّهم وحزنهم وفرحهم.

يا سادة المتذوقين العرب دعوا عنكم العاطفة ولا تتجاهلوا وجودية الشاعر العربي الذي أتى من جزيرة العرب حينما تتفاخرون، فالتراث واللغة وحدة مشتركة، بل إن هناك من يقول كل لسان ينطق بالعربية أصبح عربيا مالكم كيف تحكمون، فبعض من الحقيقة قد تكشف أعمق ما في أرواحكم من صراعات.

ما علينا فكل إناء بما فيه ينضح، نعود لسرد الجمال والذائقة الأدبية التي أتحفنا بها الصاهود ومن معه من معشر المتذوقين في عالم البودكاست دون صراعات خاسر ومنتصر.

فالأدب يعتبر نافذة تطل على أعماق الروح الإنسانية من وجهة نظر العديد من الأدباء والمفكرين في بلاد العرب والغرب.

يرى هؤلاء الأدباء أن الأدب ليس مجرد كلمات مكتوبة أو قصص تُروى، بل هو انعكاس للحرية والوجودية.

يرى نجيب محفوظ أن الأدب هو مرآة تعكس حياة المجتمع المصري بكل تناقضاته وآماله، فقد قدم رؤى عميقة عن صراعات الروح في ظل التغيرات الاجتماعية والسياسية من خلال أعماله، مثل "الثلاثية" و"زقاق المدق"، بينما جبران خليل جبران ينظر إلى الأدب كوسيلة للتعبير عن الروحانية والتأمل الفلسفي في الحياة لفتح نافذه جديدة على الروح البشرية، مستخدما اللغة الشعرية والنثرية من خلال أعماله "النبي" وغيرها.

ولك أن تتأمل عزيزي القارئ بعضا من توافق وتطابق آراء بعض المفكرين والأدباء الغربيين مع أدباء العرب، مثل الأديب الروسي دوستويفسكي حينما يقول إن الأدب يكشف أعمق ما في الروح البشرية من صراعات، طموحات، وخفايا، وهو ما يظهر في أعماله مثل "الجريمة والعقاب"، ناهيك عن الأديب الفرنسي ألبيرو كامو رأى أن الأدب يقرب بين البشر، حيث يتيح لهم فهم بعضهم بعضا بشكل أفضل من خلال التعاطف مع الشخصيات والقضايا التي يطرحها الكاتب وغيرهم من أدباء العالم.

نعود للصاهود مرة أخرى، فهو لم يكن مجرد أعلامي أو أديب، بل هو منارة تضيء درب الأدب العربي.

لقد أظهر كيف يمكن للشعر والأدب أن يكون قوة حية، قادرة على التأثير والإلهام.

أيقظ لغة الأدب في وقت كانت فيه بحاجة ماسة إلى نهضة، ونقل إرثًا غنيا يذكرنا دائما بأن الكلمة أقوى من كل شيء، متى ما كانت صادقة ومخلصة للفن والإنسانية. فقد أطلق الصاهود موجة من الإبداع الجديد.

عمل على كسر الجمود الذي أصاب أعلام الأدب العربي في بعض مراحله، وأعاد له وهجه من خلال التمسك بجوهره، فهو لم يرو فقط بلغة جميلة، بل أيضا بفكر عميق يستند إلى فهم عميق للواقع يعبر به عن تاريخ مجتمعه وبأسلوب شائق.

استطاع أن يوقظ الكلمة من سباتها ويعيد إليها ألقها ويخلق من ذائقته مساحات تحاكي الأجيال المختلفة.

فقد جاء ليذكرنا بأهمية اللغة الشعرية ودورها في تشكيل الهوية والحفاظ على الإرث الثقافي، واستلهم من التراث العربي وقام بنقله بما يتناسب مع معاصريه، مما جعله قادرا على الوصول إلى ذائقة جمهور واسع.

خلاصة الكلام أيقظوا صواهيدكم فهناك صاهود ليس له حدود.

أخبار ذات صلة

0 تعليق